إستفاقة الريكي وهي تسري في الروح والقلب واللغة

جريدة الوقت- البحرين

باسمة القصاب

 

“تجربتي مع الريكي اسهمت في نمو وتنوير كل ما يتعلق بي جسدياً وروحيا ونفسياً وفكرياً. وبالتالي عمقت رؤيتي لحقيقة ذاتي ولمعنى لحياة واضاءت طريقي الروحي، وهنا يكمن مدى تأثيرها على تجربتي الشعرية، ثمة فعل جوهري تحدثه تجربة المصالحة مع الذات والتوائم والتناغم الروحي، حيث تزدهر الرؤيا الشعرية بمعطيات إنسانية فلسفية عميقة تنعكس على رؤى ولغة النص الشعري”.

الشعر بالنسبة لفوزية السندي، تجربة تمضي مكتنزة بذخيرة روحها، أو هكذا تصفها، هذه الذخيرة لا تفتأ تقول ذاتها المرة بعد المرة. التجربة الشعرية هي استفاقة مرة، وملاذ للروح مرة، ومهب آخر مرة، وحنجرة غائبة مرة، وهي ألم ترتهن له مرات ومرات. في تجربتها الشعرية تسألنا فوزية السندي: هل أرى ما حولي؟ هل أصف ما حدث؟ ثم تجيبنا بعد قليل: لا أرى ما حولي لا أصف ما حدث. أما في “الريكي” الذي تعرفته السندي عام 2003، فثمة تجربة أخرى. تجربة أعادت شحن ذخيرة روحها بالطاقة الكونية لا اللغوية هذه المرة. تلك الطاقة التي أمدتها باستفاقة أخرى، وبملاذ آخر للروح، ومهب آخر، وحنجرة أخرى، وصارت روحها رهينة للتوائم والتناغم بدلاً من الألم.

مع الريكي لا تقول فوزية السندي لا أرى ما حولي لا أصف ما حدث. بل إنها تتصالح مع كل ما حولها فتقول وتصف.

بروفايل: كيف تعرفت على الريكي وبأي عام؟

السندي: تعرفت على الريكي من خلال الصديقة العزيزة الكاتبة والماستر د. منيرة الفاضل وذلك عبر جلسات استشفائية وحوارات ومتابعات ودورة تدريبة في المستوى الرابع قدمتها مشكورة، كل ذلك اسهم في فتح آفاق مهمة للريكي غيرت حياتي، وكانت دوماً خير معلمة وصديقة تعلمت من خلالها الكثير وأتقدم لها بالشكروالعرفان لما قدمته لي وللآخرين في البحرين وخارجها ، أيضاً من خلال القراءة عن العلاج بالطاقة الحيوية ومتابعة المواقع المتخصصة، في يناير 2003 حضرت كورس الريكي للمستوى الأول مع المعلم “تارنس كولمن” وهو معلم فرنسي حضر الى البحرين لتقديم جلسات علاجية وكورسات تدريب على الريكي. ثم تطورت علاقتي بالريكي عبر مواصلة التدريب والتعلم من خلال الانتقال التدريجي من المستوى الاول والثاني والثالث حتى الرابع، ثم الحصول على درجة ماستر(معلم) في الريكي (جن كي دو) وماستر في الأنرسنس الذي انتهيت منه مؤخراً مع

د. رانجا بريماراتنا في استراليا، بحيث اتمكن من تقديم دورات تعليمية وجلسات استشفائية.

بروفايل: ما الذي أثارك للدخول إلى هذا العالم؟

السندي: عندما أتممت جلسات الريكي مع الصديقة د.منيرة الفاضل لاحظت التطور الشفائي الذي حدث لي على اصعدة متعددة وهذا ما شجعني لتعلم الريكي، وعندما بدأت التعلم انفتحت امام ناظري أبواب من المعرفة والحكمة والتأمل الروحي، يكفي ان يتعلم المرء طرقاً متعددة للاستشفاء الذاتي ومن ثم مساعدة الآخرين، لأن الريكي يعمل على توازن الطاقة الداخلية والتي بدورها تساعد على إيصال الطاقة عبر المسارات إلى كافة الأعضاء الداخلية بجسم الإنسان لبلوغ هذه الدرجة من التناغم الصحي وتحقيق الانسجام بين العقل والروح والجسد، ويحقق التوازن الداخلي والخارجي للانسان مما يعمل على تفجير الطاقات الكامنة لديه ليصبح منتجاً وسعيداً ونافعاً لنفسه ومجتمعه.

بروفايل: كيف وجدت عالم الريكي بدايات دخولك؟ هل ثمة ما أخافك منه بداية، وما الذي شدك إليه؟ هل غير الريكي نظرتك لذاتك، والآخرين، والعالم؟

السندي: هل ثمة ما يخيف فيما ذكرت، ان تتحسن صحة الانسان بشكل جذري وتتدفق الطاقة الايجابية في مساراتها لتساعده على اعادة صياغة رؤيته لاكتشاف حقيقة ذاته والعالم، والأعمق من ذلك ان تتغير حياته نحو المزيد من المحبة والعطاء والرحمة والغفران والتسامح والأمل، أمام كل هذا لا مجال للحديث عن الخوف بل عن الفرح الطاغي والغبطة الروحية والسلام الداخلي والتصالح مع الماضي، المثابرة لأثراء الحاضر وتحسين آفاق المستقبل، ان ما شدني لتعلم الريكي هو طبيعته المحبة والرحيمة نحو الذات والآخرين، وكل تلك النتائج الجوهرية التي يتضمنها فهو يساعد الانسان على التغلب على المخاوف المرضية، والتخلص من القلق والتوتر، والشعور بالطمأنينة، كما انه يحفز الجهاز المناعي ويسهم في تقويته وتسريع تجدد الخلايا، ومن ثم تعزيز قدرة الجسم على الشفاء الداخلي من جميع الامراض.

بروفايل: أي طبيعة استطاع الريكي أن يناغيها في شخصية فوزية السندي أو يعمقها؟

السندي: أجمل ما في تجربة الريكي انه يعمق وينمي ويصقل طبيعة الانسان الحقيقية التي خلقها الله، تقدير نعمة الحياة والتعاطف مع كل الكائنات الحية، ينير قلوبنا بالمحبة المطلقة وغير المشروطة، المحبة الكونية التي تتقاسم قلوب البشر وتضئ أرواحهم منذ الأزل، رغماً عن كل المؤثرات السلبية التي تعاظمت لطمس نورها المديد، كل هذا العنف والدمار والحروب والألم والشقاء الذي صدع الكوكب بالشرور، كل الطغيان الذي لا يزال يسهم في تحديث وتصدير واستمرار هذا الخراب.

الريكي طاقة نور تسرف في اضاءة القلوب بالمحبة والرحمة نحو الحياة والارض والكون.

بروفايل: ماذا أضاف الريكي إلى شخصية فوزية السندي المثقفة والكاتبة والشاعرة؟

السندي: تجربتي مع الريكي اسهمت في نمو وتطوير كل ما يتعلق بي جسدياً وروحيا ونفسياً وفكرياً ، وبالتالي غيرت رؤيتي لذاتي وللحياة، وهنا يكمن مدى تأثيرها على تجربتي الشعرية، ثمة فعل جوهري تحدثه تجربة المصالحة مع الذات والتوائم والتناغم الروحي، حيث تزدهر الرؤيا الشعرية بمعطيات انسانية فلسفية عميقة تنعكس على رؤى ولغة النص الشعري، واتمنى ان أكون قد اتقنت تخليق تلك المشارف في كتابي الشعري الجديد “أسمى الأحوال” الذي قدمته للطباعة مؤخراً، وكتابي الآخر الذي يمثل سيرة شعرية بعنوان “عتبات تتعثر بطفلة البيت”.

أن الحديث عن اضافات الريكي لحياتنا أمر يطول الحديث عنه، يكفي أن تسألي أي متدربة عن علاقتها بالريكي سوف ترد بعبارة واحدة: ان الريكي غير حياتي كلها.

بروفايل: هل يمكن أن نتحدث عن تحولات (فكرية، اجتماعية، دينية، ثقافية، علمية..) عشتيها بعد دخولك عالم الريكي؟ كيف؟

السندي: بالطبع، كل التحولات التي اشرت لها تحققت عبر سريان الطاقة الايجابية ونفاذ طرائق التفكير الايجابية بشكل عميق، اي عبر تشكل الوعي الذي تخلقه الطاقة ذاتها في مراكزها الفاعلة ضمن جهاز الطاقة في اجسادنا، وليس من خلال الارشادات أو الشعارات أو النصائح الذهنية، الريكي تجربة روحية فيها ممارسة يومية وتفاني حقيقي من اجل التطور والتفتح الروحي عبر مساعدة الذات والآخرين، الريكي طاقة حيوية للاستشفاء من أسباب الألم والشقاء الانساني، طاقة تثمر الوعي الذي يتأصل في مراكز الطاقة ويقوي جهاز المناعة، طاقة تجابه كل مصادر الطاقات السلبية المنتشرة في حياتنا، وعي شمولي يهتم بكل التفاصيل من المأكل والملبس والتفكير والكلام والمشاعر والسلوك والكتابة وعلاقتنا مع الآخرين، كل حياتنا تخضع لعملية تطهير وتنقية دؤوب نحو الحضور الايجابي الفاعل في الحياة بشكل عميق.

بروفايل: هل تجدين أن هناك علاقة بين الريكي والتصوف؟ كيف؟

السندي: تتسم تجربة التصوف الاسلامي بمفهوم يتسع لتجارب متباينة في دلالتها الروحية، لذا يتعين الاشارة الى ان بعض التجارب الصوفية المتعمقة في نهجها الروحاني الكشفي تتصف بصيرورة وجدانية وروحانية تقارب تجربة الريكي، هناك تجليات تحددت بينهما ضمن مدى الطاقة ومدارك الوعي في حضارات وثقافات مختلفة، كلاهما ينشدان طريق التحقق عبر مجاهدات التنقية والتفتح الروحي نحو المحبة والنور، ثمة انشغالات متشابهة لترسيخ رؤى فلسفية تندغم بمعارف انسانية تسعى لإشاعة قيم الحرية والتسامح والغفران والرحمة والحنان والمحبة والعمل الجدي والفاعل من اجل الدفاع عن الانسانية والحياة لحمايتها من كل اشكال الطغيان والشرور والخراب. التصوف تجربة روحية اختصت بها الثقافة الاسلامية في حضارتنا العربية، أما الريكي فهو تجربة روحية كونية متاحة لكل البشر.

بروفايل: ألا تعتقدين أن تدريبات الريكي تحتاج إلى تفرغ لا تسعه انشغالات الحياة اليومية؟

السندي: هل ثمة انشغالات أهم من أن نعمل على تنظيم اوقاتنا لنقضي بعض الوقت من أجل تحصيل هذا التطور الايجابي الصحي الجسدي والنفسي والفكري لنا أو للآخرين، الأهمية هنا لا تقاس بالوقت، الريكي ذاته يعمل على تنظيم أوقاتنا من خلال تطور الطاقة وبالتالي الوعي بأهمية تنظيم الوقت وعدم التهاون بقيمته، أما انشغالات الحياة اليومية فيما أراها فهي تتسع للكثير من التفاصيل غير المجدية والاستهلاكية بطبيعتها، نحن من أمهر شعوب العالم في اضاعة الوقت وعدم احترامه بل نجده ” عذرنا الدائم للانشغال عنه واهداره” والمبرر المثالي للتشبث به ضد ما هو مفيد ومجدي.

بروفايل: ما معدل عدد الساعات التي تمارسين فيها الريكي يومياً؟

السندي: من الصعب تحديد عدد الساعات التي امارس فيها الريكي، جلسات التأمل تعتمد على الفرد ذاته ومدى عمق علاقته مع الريكي، وهذا ينطبق على تجربتي أيضاً، الوقت معادل متغير وليس ثابت ويتأثر بالمستوى الذي يصل اليه المتدرب، يطول كلما ارتقينا نحو مستويات تدريبية وروحية أعلى، اما بالنسبة لاوقات علاج الآخرين فهي تستغرق ساعة لمدة 3 ايام متتالية في الاسبوع.

بروفايل: هل يمكن أن تروي لنا عن بعض تجليات الطاقة التي مررت بها، سواء لوحدك أو مع آخرين؟

السندي: أجمل التجليات للطاقة الاستشفائية تتحقق عندما أصغي الى آراء وتجارب المتدربين في دورات المتابعة أو المتعالجين حين يتحدثون عن حدوث تحسن صحي ما أو حياتي تحقق لهم وغير حياتهم نحو الأفضل، اما على صعيد تجربتي الشخصية فالتجليات لا تنحصر في مجال محدد لأتحدث عنها، كونها مستمرة الحدوث والتنوير لكل مناحي حياتي وعائلتي التي تأثرت بشكل كبير، فقد تعلم أبنائي الريكي في سن مبكرة واستفادوا منه في حياتهم، اقوى تلك التجليات شعوري الدائم بالسلام الداخلي والغبطة الروحية والامتنان العميق لله على منحي هذه الحياة.

بروفايل: يبدو وكأن أغلب المهتمات بالريكي هنّ من النساء. لماذا برأيك؟

السندي: ضمن التحولات الايجابية التي عمت العالم كله لتعزيز التوجهات الصحية والروحية الايجابية من أجل مجابهة الدمار الذي يتصاعد هو الآخر، يشكل الريكي احد هذه المقومات الفاعلة ومما يؤكد على ذلك سرعة انتشاره وتبادل الخبرات والوعي به، بالرغم من كون اغلب المتدربات من النساء الا انه يمثل مؤشرأ ايجابياً، فالمرأة راعية الحياة من حيث تنشئة الطفولة ورعاية العائلة، ومن الطبيعي ان تكون مهمومة أكثر من غيرها في البحث عن أفضل السبل لحماية هذه الحياة التي اصبحت موكولة بها، يضاف الى ذلك طبيعة مجتمعاتنا الاستهلاكية التي حولت العائلة الى أم وأطفال فقط بعد ان ازاحت أغلب المهام العائلية عن كاهل الرجال، ومع ذلك هناك العديد من الرجال والاطفال أيضا ينضمون الى دورات الريكي الآخذة في الانتشار كنتيجة لمدى التأثيرات الايجابية التي صارت تتحقق بشكل جلي و فاعل في حياة الافراد والمجتمع.

 

لحظة حنو على بياض الورق

الحياة الجديدة
11-مايو 2005

– “لحظة البدء في كتابة القصدة” هل من الممكن وصف هذه اللحظة الشعرية، وكيف يتم اختيار العنوان كبداية للكتابة.؟

من الصعب، حين الحديث عن الشعر تكثيف النظر في لحظة ما، يبدأ بها منتهاه، كبدء الشعر مثلاً، أراه شاغلاً يبدأ قبل الكتابة بكثير من الوقت، حيث يحيا من يكتب في مواجهة معطيات الحياة وتواليفها الصعبة.
يتخلق الشعر كالهواء في غياهب الذات، ويظل يتلظى من أتون الآخر، كما الجنين في ظلمات الجنة.
يبدأ الشعر من هناك، يجول حثيثاً بانتظار لحظة السكون المهيأة لتلقي حنوه على بياض الورق كما المهد تماماً.
كثيراً ما أجفل من انسياب النص على الورق، ليس مكاتبته لي، بل اندلاقه دون تخطيط أو تهيأة ما، سوى انفعال غريب تشيعه غواية بياض الورق على جهازي الفاتن، فتبدأ الأصابع بخبط نهايات الحروف لتتعاضد الكلمات وهي تتناهض هكذا.
غموض تلك اللحظة ليس لها ما يفسرها، غير الحنين لمكاشفة الذات واكتشافها في آن.
من الصعب أن نستدل على بدء اللحظة الشعرية، ربما تتخلق في منتهى النص، من حيث ثبوتية عمقها أو دلالتها على العنوان مفتتح النص.
فيما يتعلق بتجربتي الشعرية، أرى استحالة حقيقية في تعريف أو تفسير تلك اللحظة، هتافها الغريب على الأقل، لا غير اندهاش عميق من أول سطر تحقق، ليليه ما يليه، ثمة انهمار لا يتوقف، يسترسل كما النهر حتى نبض آخر حصاة فيه.
النهاية تشبه البداية بغموضها الذاهل: لماذا توقفت عن الكتابة؟ لا أعرف، السؤال ذاته من الممكن إحالته في الاتجاه المخالف: لماذا أكتب الآن تحديداً؟ لا أعرف.
بالطبع هذا التقصي الكشفي لا يتقصد الكتابة التي تقع تحت تسمية الشعر الموسوم بالمناسباتيه أو الأغراض الشعرية لغاية بعيدة تماماً عن نزف الروح ومراياها، الحديث يعتمل تجاه الشعر وحده.

“قبل الورقة قلما أرى
وبعدها يضل النظر.”

هذا بالتحديد ما يحدث لي، كون الشعر يقتفي لحظة الحب، كل تعريف يفسده.. كل اشتغال نقدي يتجاوز محتواه ويسرف في أدواته الصقيلة لتشريح ما يعتقده جثة خاضعة لأزاميله ومعاوله، يفشل.
عندما يكاد الشعر يضاهي الحياة، يحيا بنبض عنفوانه بشكل مستقل الى أبعد حد، حتى من يكتب يصاب بالذهل حين إعادة قراءة نصه، إلى حد يصعب عليه تشذيبه من اندفاعات رؤيويه تتشاكل عليه، خبرة الكتابة وخبرة مجايلة الحياة بحساسية نادرة، تدوزن هذا الفعل لدى الفنان، تشغله عما حوله، تصيبه بصمت عارم يفزّز خفوت حنجرته، يلاغي الناس دون أن يراهم أو يصغي لهم، ينداح لحالة خاصة مشغولة بهجس دائم لا يعيه، كل هذه الاحتمالات آن الحياة تلهب المخيلة لارتشاف ما تقوى عليه من مجاهدات الحياة، مخيلة تصطبغ بالمسكوت عنه والكامن والمكبوت، تشحذ خزائنها بالكلمات والعلائق اللغوية والإيقاعية، من أجل تشريف إنسان سوف يصله الليل سريعاً ليواجه الورق.
عادة، ما أن أبدأ النظر إلى البياض، يرتسم العنوان، منفذ لا يستهان بها لأغواء النص، شرفة بخطورة الأمل لما سوف يتحقق من عتمة مجاهيل الذات، بعدها تتحور الكلمات لتنساب وهي لا تعرف كيف ولا لماذا ولا إلى أين؟.

 

تشعل ذاكرة هذا الوطن بحبرها وحريتها في آن

جريدة الوقت- مملكة البحرين

الكاتب: خالد الرويعي

إذا افترضا أن الحركة الابداعية النسوية في البحرين – توثيقاً ومعرفة- بدأت منذ 40 عاماً تقريبا، وهنا ستخذلنا التواريخ، ومن هذا كله نشعر أن ثمة ضعف هنا وهناك على مستوى الحضور الابداعي للمرأة.. اذ يمكننا ان نضع معادلة بسيطة وعليه فإننا سنجد أن مقابل 15 رجلا هناك امرأة في الحقل الابداعي، وسنغض الطرف هنا عن التباين في مستوى الكتابة ومدى تأثيرها.. ولكن الأمر برأي يستدعي حوارا بشكل مختلف، إذ علينا ان نسأل لماذا هذا الحضور الضعيف.. بالتأكيد سنرجع هنا إلى الخلفيات الاجتماعية التاريخية من جهة ووأد المرأة ذهنياً.. ولكن كل ذلك لا يعفينا من السؤال لماذا؟

ففي حضور الشعر ثمة تجربة أو تجربتين أو حتى ثلاث؟ وهذا يشمل أيضا مستوى التنظير.. في المسرح والتلفزيون ثمة حضور هامشي فقط.. واقصد هنا أن الساحة الفنية تكاد تخلو من عناصر نسائية جادة على مستوى الطرح والنقاش والفكر؟ في التشكيل ايضا ثمة فقد.. لماذا؟ نعرف ان الوضع الثقافي له دور مؤثر – وهذا الوضع – هو ايضا ضعيف؟ ولكن لماذا ايضا؟

والكثير الكثير من الحديث:

– كيف ترين حضور المرأة في التجربة الابداعية؟

– المسألة الابداعية مسألة جادة لا تقبل بأنصاف الحلول.. وما نراه في 90% من تجارب النساء يعد ترفاً في حين أو استجداء لصوت الرجل.. ثمة تقاعس نسوي وثمة ضيق أفق.. ما رأيك؟

– ففي حالة مثل حالات المسرح مثلاً.. عدد الممثلات في المطلق قليل.. وعلى مستوى الجدية والنضوج والطرح يبدو شحيحاً.. أليس هذا وضعا يرثى له.. ام ان الوقت كفيل بإخراج الجديد؟

– إذا افترضنا أن ثمة (لوبي) ذكوري وقائم على الفطرة.. ألا تعتقدين أننا بحاجة إلى (لوبي) نسوي وقائم على القصدية.. أم ترين أن ذلك ايضا تحجيم ويضيق الفجوة أكثر؟

– من الصعب عند الحديث عن مساهمة المرأة البحرينية في التجربة الابداعية، أن نغفل عن مواطن الخلل التي تواجهها كمواطنة أولا على المستوى القانوني والسوسيو اقتصادي عن تعسف الواقع الحياتي، ومدلولاته التراكمية التي عمقت فعل التغييب الذي تعرضت له فيما مضى، وفيما يشتد الآن، من تنامي لكوابح قيميه تتصاعد ضد صوت المرأة، المتخفي منه والمعلن ايضاً.

أحد أهم هذه التجليات تمثلت في المواطنة المنقوصة التي عملت على اقصاء المرأة من المشاركة الفعلية في مراكز صنع القرار، وبالتالي في كافة أنشطة الحياة الأخرى، كما تشير لذلك الوهن، كل تقارير “برنامج الأمم المتحدة الانمائي” و أحد أهم المؤشّرات التي تعكس بوضوح ضعف مشاركة المرأة العربية في الحياة السّياسيّة هو نسبة تمثيل النّساء في البرلمانات العربيّة، الذي يشكل أضعف نسبة تمثيل برلمانيّ للنّساء في العالم على الإطلاق، ويدلنا مؤشر تمكين المرأة والذي هو حصيلة عدة مؤشرات، على أن البلدان العربية بالرغم من ثرائها تصل إلى مرتبة ما قبل الأخيرة من بلدان العالم.

يضاف الى ذلك، نفوذ “ثقافة التمييز” الفاعلة في المنظومة التعليمية والاعلامية، العاملة على تغييب صورة المرأة، وإحلال الصورة النمطية التقليدية، كل هذه المحددات يدعمها نفاذ التابو الاجتماعي، ترسيخ الأبنية الأبوية ومواريث سلطتها الذكورية، كما لا يغيب عن أحد، مدى المصاعب الأسرية، وتبعاتها التي أثقلت بشكل محموم كاهل المرأة وحدها، كل عائلة تتعدد في مجتمع يرزح تحت هجمة طوفان استهلاكي مدمر، كما أدلهمت العديد من الضغوطات النفسية والإستلابية، لتؤازر هذه القسوة كلها.

عندما نقترب من المشهد الثقافي، لنقتفي تجربة المرأة، حتماً سنصطدم بتسلط “ازدواجية ذكورية” تنساح على المشهد كله، هذه الظاهرة المستفحلة تجاه كتابة المرأة، نراها تستبد في كل دول العالم، مع نسبية ما، في تجليها هنا أوهناك، أغلب الكاتبات – حتى في الغرب- يعانين من تلك الازدواجية التي تحرص على تعميق دونية المرأة ، التعامل معها بتمييز جنساني بشع، حيث لا أحد يحتكم للنص الابداعي أو التجربة الفنية، مهما اتقدت، وانشغلت بنحت الذات، يظل المعيار الراسخ هو النظر للمرأة كموضوع لا كذات مستقلة، إذا كان هذا البلاء قد تحقق في دول عززت مفهوم المواطنة منذ قرون، فما بالنا ببلاد لم تزل تحبو نحو ذلك.؟

ترتسم هذه الازدواجية في كل معطيات المشهد الثقافي، المستمد تداعياته من حركة الثقافة العربية المثخنة هي الأخرى بكل تلك الاستلابات نحو تجربة المرأة.

أتحفظ على تعبير (لوبي ذكوري)، لكون المتنفذ هو منظور ازدواجي ذكوري يتخلل النظر المتاح لكتابة المرأة، وبالتالي بقدر ما هو تعبير(لوبي) مرفوض مبدئياً، لا أرى مواجهته بتشكيل (لوبي نسوى، كما يتم استدراج العديد من الكاتبات لذلك المبتغى)، حينها نكون قد أستوردنا أسوأ مفردات العمل السياسي، نحو شرفة ابداعية، أشد شفافة وملائكية من كل تلك المداهنات، خطورة كتابة المرأة تشتعل بما تشتمل عليه من قدرة على الفضح، الكشف، المغايرة، إعلاء الصوت، المجابهة بقوة الحرف وحرية الحبر.

بالرغم من كل تلك المثاقيل التي مضت، استطاعت المرأة البحرينية أن تواجه معترك الحياة بفاعلية منتجة، ومتميزة أيضاً، من خلال مشاركتها في العملية التنموية، أثبتت قدرتها واستقلاليتها على مجابهة تلك الصعاب، حتى على صعيد الابداع بشكل عام، نشهد الآن أغلب التجارب الجديدة في الشعر لأقلام نسائية، كما تنامت المواهب في التمثيل والفن التشكيلي تحديداً، ولكن ضعف هذه المشاركة يعبر عن مدى سيادة النظم الأبوية التي تواجه حضورها، بالذات الآن، فقد صرنا نتعرف على مواهب شعرية تكتب بأسماء مستعارة، خوفاً من نفوذ الأهل، ناهيك عن المحذورات الاجتماعية التي تصطدم بها، والتي لم تكن بهذه القسوة طيلة زمان مضى.

لقد برزت العديد من التجارب النسائية في الآونة الأخيرة، ولقد أسهم مشروع النشر المشترك بين “ادراة الثقافة” و”المؤسسة العربية للنشر”، في دعم العديد من المواهب الجديدة، كما أن تعدد المنابر الثقافية سوف يلعب دوراً في اضاءة تلك التجارب.

أن التحديات الراهنة أمام النص الابداعي، اضحت أشد صعوبة، مذ تحولت إلى رهان مع الذات، مذ تمحورت لسبر أسئلة الهوية، تخليق أتون التجربة، تحقيق فرادة النص، تحول التنافس بين المبدعين، لتحد آخر بين المبدع وذاته، فردانية مطلقة، لها أن تتقد وتتقدم بمنجزها، وحدها. ينهال هذا الملمح، في عموم المشهد الابداعي العربي، مذ سقطت المتكئات الحزبية والأسانيد السياسية، المجلات والمؤسسات المسيسة، تلك التي كانت تعمل على تسييد التجارب الادبية ضمن مفهوم متهالك لا علاقة له بالأبداع، بل للترويج لحمى الشعارات، بعدما انتهى كل ذلك، اتقد التحدي الوحيد الذي تبقى للمبدع مع ذاته وحدها، أمام النص وحده، حيث الموهبة وحدها.

أمام هذه التحولات، شهدنا تراجعاً لأسماء عديدة وتقدم لمواهب استطاعت مواجهة تلك التحديات، لم يعد الابداع ذا انتشار افقي بل عمقي، معني بأسئلة الابداع وحدها.

فيما يتعلق بندرة الاصوات الشعرية النسائية، نراها تتحقق في بلدان بتعداد سكاني ضخم مثل مصر والمغرب، نراها تعد على اصابع اليد، فما بالك ببلد صغير مثل البحرين.

هناك منحى آخر، أثر على الحضور الابداعي للرجال والنساء معاً، في الأدب، المسرح، الفن التشكيلي، الدراما، الغناء، المؤسسات الثقافية، وإن أحدث خللاً أعمق لدى التجارب النسائية، لطبيعة التحديات التراكمية التي أشرت لها، هنا، لا أشير لضعف الدعم المؤسساتي الحكومي تحديداً، طيلة الوقت الماضي، لكن لدوره في تهميش تلك التجارب والمواهب، الاحتفاء وحده، كان يتحقق لكل تجربة عربية تصل إلى البلاد، لحد ذهول هذه التجارب مما تلاقيه من مكانة مبالغ بها، وكثيراً ما كنا نصغ لها، وهي تشير لتغييب التجارب البحرينية عن تلك المحافل، تميز هذا الفعل في كل قنوات الاتصالات الأخرى، ثمة مكنة اعلامية آخر ما تكترث به الموهبة البحرينية.

أن التجربة الابداعية في البحرين، لم تتكل يوماً، أو تنتظر مساندة من أحد، بل اتقنت مواجهة تحدياتها، في أصعب الظروف القامعة، لتتقد وتشعل ذاكرة هذا الوطن بحبرها وحريتها في آن.

 

رؤى تتصدى للألم، وتنثر رحيق الأمل

جريدة الاتحاد

  • في ديوانك الأخير ” رهينة الألم “احتفاء كبير باللغة والصورة الفنية الجديدة وتشكلاتها البصرية والحسية كيف تصف فوزية السندي علاقتها مع اللغة؟
  • اللغة هويتي، علاقة تنمو وتتشكل كطاقة تعبيرية في ذاتي، تتمحور لتشبهني، وعندما تتخلق على الورق، تتنهد لتبلغني ما يحدث في أغوار ذاكرتي، تطفو بقدرتها على حفر رؤاي، اللغة منحة كونية، تتسامى على هيئة حروف تتشابك لتضميد السطر بكلمات تقتفي إثر بعضها في جملة شعرية ما، لكنها تنز في حقيقتها من نقطة تلو الأخرى، خالقة تركيبة من الذبذبات المنتشية بحال الروح، مهارة تتوارد على السطر وهي تحفر بخطاها الحريرية ما لا ننساه من معان وصور، ما يوقظنا من رؤى تتصدى للألم، وتنثر رحيق الأمل. اللغة أناي العميقة.
  • كتبت عددا من المجموعات الشعرية ضمن قصيدة النثر، كيف ترين مستقبل هذه القصيدة؟

– عندما اكتب لا أخضع لتوهم الرهان على المستقبل، أحيا حاضري بملء حبري، اكتب ما أراه، وجدارته ستضىء خطاه نحو الجيل القارئ، أو من سيخترق فعل الكتابة، وإذا لم يكن، فجميل أنى قرأت ودونت روحي طيلة حياتي. النص الشعري المتأني والمترفق بنبضات القلب يظل صداه يتعالى ويتردد لاكتنازه بالطاقة الصقيلة والرائية.. تنهدات أزلية تتهادى كما الموج على عزلة الجسد.

  • يلاحظ أن قصيدتك دوما قصيدة طويلة بالنسبة لقصيدة النثر وبتفاصيل روحية وفضاء حواري داخلي مشبع، هل تعتقدي إمكانية قراءة بعض قصائدك على شكل مقاطع مستقلة؟
  • من حق الآخر قراءة ما يشاء من الشعر وبالكيفية التي يراها تريح حواسه.
  • كيف تخلص فوزية السندي في نهاية الأمور إلى قصيدتها أي فضاء يذهب بك إلى النص وكتابته؟
  • الفضاء الوحيد الذي يعتريني لحظة الكتابة هو رغبتي في مكاشفة ذاتي، امضاء الوقت السري الصائت والمتصدي لي، الاخلاص كامن في فعل المجابهة، وفعلها ليس عنيفاً كما يستقى من معنى هذا الفعل، بل نسيم المغوي، ما أن يهل حتى ارتاح وأروح، لذا كتبت:

” قبل الورقة قلما أرى

و

بعدها يظل النظر.”

  • وهل الكتابة لاتزال وسيلة الشاعر إلى خلاصاته؟
  • لا تزال ولن تنعدم، دامت الحياة تشن تحدياتها الأليفة والقاسية، دمنا نحيا في عالم بلغت شراسته حد تصدير الرعب والسموم والدخان كل نهار، دمنا نحيا جمال الطبيعة الباهر والمتصدي للعنف، دمنا نرى رفيف البحيرات، بهاء الغروب، سنا الليل، الشعر تخليص للكائن من أدران شقائه، علاجه بالحروف، تشفيف أذاه لذاته، مداواته بالمحبة الكامنة في حكمة الأزل.. الشعر علاج لعلة الألم في الحياة عندما تعنفنا ونعنفها، وغبطة عندما نتهادى في خيلائها ونرتاض في أرواحنا:

” لأوازيك بعصاي الضريرة

دْلني أيُّها الأعمى، لينابيع فيوضي.”

  • قصائدك عن الموت والفقد والرحيل ومسحة الحزن فيها والبوح الشفيف وتلك القدرة الجميلة على الدقة في صياغة العبارة بحيث تكونين بعيدة دوما عن العائم والضبابي.. من أين اكتسبت فوزية السندي كل هذه الشفافية أهي ذاكرة الطفولة أم يتجاوز ذلك إلى فهمك الخاص باللغة؟
  • الموت صديق الجسد كما الحياة تماماً، البشر من اضافوا له طقوس الرعب، هو رحيل هادئ، مهم، لنجلو غوامض الوجود، لنرى ما هنالك من عوالم أخرى، تجربتي مع الموت تمثلت في شعري، لحساسية التقصي لدي لغوامضه، ولعي بتوطيد معرفتي به، وتجلت أكثر أثناء كتابة “رهينة الألم” حيث كان الموت كامناً لي، توجعت كثيراً لفقد صديقتي “عزيزة” وأمي “موزه” وأبي “محمد” على التوالي، ثمة شهور قليلة بينهم، زرت المقبرة في وداعات تتالت علي، عرفت معنى البكاء عندما لا يستقر، لذا تماثلت كتابتي بتدوين آثاره للطفولة معلم وحيد أهداني حساسية البدء، شفافية الرؤية المتعلقة بمعنى الوجود وأسئلته الحائرة آنذاك، البوح جناحي الوحيد، كنت طفلة تتعثر بعتبات البيت، كما كتبت:

“مصفدة أكثر مما ينبغي،

محتواة بحديد لا يُحد

مدشنة بغريب العبء،

مرسلة لمثاوي الحجر

ومع ذلك،

أحاول أن أحلّق بأقصى جناح يحتمل.”

  • تختزلين العبارة الشعرية وتقتصدي اللغة هل تشتغلي على قصيدتك وإيحائها دوما ؟ وألى أي مدى
  • لا اشتغل أنما أتشاغل عن الحدوث المتصنع لدوام اللغة، عندما اتعامل مع اللغة كأداة لتوصيل المعنى، أفقد حميمية التواصل الحي معها كطاقة فاعلة ونابضة وحية، طاقة تحتزن وترسل الترددات والذبذبات الصادرة عن نواتها والكتروناتها، طاقة مشمولة بوعي هيولي، لذا اتشاغل بمعنى الذهاب العميق نحو المجاهيل، مجاراة اللا أين، أنسي مهنة كتابة القصيدة كما تمهن في راهننا، أنساب.. لأصل إلى نقطة لاتصل، خالقة نماء النص الطبيعي، من يختار مداه حين تصل النقطة بعفوية بالغة وتوقف البوح.:

“كحصاة في منتصف الطريق لا أصل

ولا شأن لي بالعودة

لأصل”

  • “أيها النصل

كل الطرق المؤدية الى هناك مغلقة

كيف نصل؟”

–         كيف ترين الكتابة الإبداعية للمرأة في الخليج.. وأنت شاعرة تكتبين خارج الفضاءات الضيقة في الكتابة النسوية؟ هل تجاوزت المبدعة برأيك هموم المرأة فقط إلى آفاق أوسع؟؟

– ثمة تجارب شعرية اسهمت في تقديم اجتهادات شعرية مهمة، تجاوزت الأطر الضيقة نحو مشافهة الرؤى الانسانية بعمق آخاذ، حيث تعتمل الذات في حضورها الخاص مع عموم الحال، تفاعل بين الأنا والآخر، تناغم يحتوي هتف الحواس، من الصعب قسر الرؤى الشعرية ضمن اشتغالات محدودة تشوه شساعة الشعر ومداه الكوني:

“الشعر،

حصاري الوحيد الشاسع.”

  • وهل لذهاب الكثير من الشعراء إلى كتابة الرواية شأن بمقولة ضعف الشعر أو تراجعه؟ كيف نفسر هذه الوفرة في كتابة الرواية؟
  • نفسرها بحرية التعبير عن بلاغة الروح.
  • كيف رأيت تجربة ترجمة إبداعك؟ وإلى أي مدى يمكن لروح القصيدة العربية اليوم أن تصل إلى الآخر؟
  • جملة شعرية واحدة تكفي لإيصال القصيدة للآخر، حيث تكمن الاحاسيس والمشاعر النبيلة، الترجمة فعل حنين للتواصل، تذكير الإنسانية بحديقة الروح الحافلة بهذا العالم، حيث تتجاور الاختلافات ويعطر الورد صمت الكون ببهاء صداه، أشعر بتقدير عميق لكل من رافق كلماتي، واعاد تركيب حروفها بلغات صديقة، أحببت اجتهاده وشكرته بمواصلة الكتابة.
  • كتب عن تجربتك الشعرية العديد من المقالات النقدية، هل تابعتها جميعا؟ وهل برأيك لحق النقد بتطور النص وتجريبه وجديده الدائم؟
  • التجربة النقدية العربية تراخت عن متابعة الجديد، وتجديد أدواتها لمجاراة اجتهادات النص الشعري الراهن، التهت كثيراً في اعادة الحديث السهل عما كتب من قبل، ما عدا القليل من الإلتماعات النقدية النادرة التي نجت من براثن الاستهلاك النقدي.
  • ما هو جديد فوزية السندي؟ وهل يحمل جديدا من حيث عوالمه وتعاطيك مع اللغة وتصوراتك للكون الجديد؟
  • صدر هذا كتاب” أسمى الأحوال” عن مؤسسة الانتشار العربي، وكتب على غلافه الأخير:

سمِّه السرَّ،

لأسميك السراج الحافل بمسراه.

دعوها تكتب

حوار أخبار الخليج

(1)

التحديات الكامنة أمام الإبداع تتعدد وتتوعد بذات الكاتبة التي ما أن تقارب الورقة حتى تتيقن من مدى هذا الوعيد، بالذات عندما يتقد التحدي الرؤيوي والإبداعي في كل نص لتحقيق الأمل الذي يعتريها: بلوغ كتابة تليق بخفق القلب واحتدام الذاكرة، كتابة لا تؤجل ما اعتراها من محن تتصاعد، كل عمر يمضي ليحتويها بما تستحق، بمدى قتل الوريد، نثر حبر الكتابة، ليتعالى وهو يشافه رهو الروح.

هذا هو الإشكال الأبلغ، الذي يستفحل لإهدار كل عنف جاور كتابة المرأة، كما أرى لإشعال مثل هذا الحوار، والذي نحتدم به كل ليل يطغى بنفوذ نبال الحروف، لكونه التحدي البليغ أمام كل كتابة تحتد.

ولكن لمنحى السؤال الراهن الذي يتحدر كل وقت، وهو يقلق النفس، مصراً على محاورة جلواه. السؤال الملازم لطبيعة الصعوبات التي تتعرض لها الكاتبة فيما يتعلق بشأن الأسرة ورعاية الأعباء، من هموم يومية وتفاصيل حياتية تتعلق بالبيت وحده، وما مدى اصطدام كل هذا بمدى مداومتها على الكتابة؟ هكذا يستغيث السؤال..

أبدأ مداولة هذا المحور باستنهاض ذات الهجس الذي بدأت به الحديث، لأسأل: كيف لمن تتحدى النص الشعري ذاته وتسعى كل الوقت لإتقان مدى قدرتها على نحت فرادة البوح ومكاشفة المسكوت عنه وإعلان مرام الشغاف على الورق كل ألم.. أن تُهزم أمام معترك وعبء لا بد منه، وهبته أياها الحياة كل عائلة، أسأل: كيف؟

هنالك صعوبات لا بد منها، وهذا شأن الحياة، ولكن.. لا يمكن لها- و لا أبالغ في هذا الشأن فيما رأيت من وقت صعب- أن تقف حائلاً أو أن تتحول لمسعى تدميرياً لنبض الكتابة، لكون هذا الخلل – الابتعاد عن الكتابة-لا يحدث من مداهمة التفاصيل التي تحدثها مهام العائلة و لا حتى الحياة ذاتها التي أراها تشكل أقسى التحديات – التي لا يقوى عليها الجحيم ذاته – التي تجابه الكاتبة في سعيها للشهادة على ما يهديه لها العالم من مخالب و هزائم و يأس يستبد، الخلل يتأصل و يتفعل عميقاً كالصدأ الفاعل على تفتيت حديد الروح، لإحداث القطيعة بين ذات الشاعرة و الورق لعوامل ذاتية أخرى، لا العائلة و لا الآخر و لا الأطفال ولا العالم ولا الكون كله … قادر على وأد صوتها أو كسر حرية حنجرتها، لا. ليس هو من يحدث انكساراتها، ويدعها لتنحاز لانكفاء يبتعد عن مهاتفة الذات، و لكن لحدوث قصور ذاتي، انشغال عن الكتابة،الإلتهاء بجسد بات يحتمل روحاً لا تشعل التحدي، لا تقوى على حتم التصدي و التصدع كل سطر، لا يعنيها النهل المعرفي، لا تديم إصراراً على محاورة عماء الورق بذخيرة الحبر، و لا استنهاض رجفة تنير الحواس، روح لم تعد تأبه بما يحتل غوامض الذات و لا خوافي النفس، جسد لم يعد يعتمل بجذوة الشعر كما تبتغي له حفاوة الذاكرة، التي تكاد تذبل من وطأة النسيان و سهو الغفران لهواة تدمير رهاوة الإنسان، سادة هذا العالم.

عندما تلتحم المرأة العربية بالكتابة كشرفة لتسريح المكبوت وكسر فخار الذاكرة، عليها ألا تتوهم بطريق كالبحر يحتفي بخطاها، ولكن لها – كما الموج-أن تحتد كل صعب، بما لم تتخيل مدى سطوة قسوته، لكونها آن الكتابة، تستطلع شأن الخافي وتدين الحاصل من نبذ، تشعل الورق بما يشهد على زمان لها حتى آخر يأس يتوصى بمستقبل للأمل.

الأمومة واحتمال عبء العائلة، أراها التزام إنساني تجاه شغاف القلب، تتعلق بأقل القليل نحو دورها الأنثوي في هذه الحياة، زهاء ينوع النبت وطلوع الورد كل طفل يتأهب لوقت قد يراه.

العائلة رغم كل المهاوي التي تعتريها والمصاعب، تظل تجربة لا تؤجل الكتابة أو تقصيها.. بل جمرة رغماً عن الرماد … تشحذها حتى آخر حرف كالفحم.

للطفولة نعمة لا يستهان بها، هي المعلم الأول لرهافة الخلق، تجربة الحمل والولادة ومراعاة براعم تشهق حتى تتورد، أراها المنهل الأهم لتخليق أتون الشعر، لبذخ حساسية للهتف، كل طفل اهتواني لأتعلم منه فداحة الشعر، حتى وإن ارتخت الأصابع عن الكتابة. وهذا ما حدث لي طيلة وقت تحصين الرحم وإشعال الحضن لصبية ثلاثة، مازالوا يراوغون حب الكتابة، طيلة ذاك التمهل العذب تجاه تدوين الشعر، لم يغادرني الوله لحنان الورق ولا خفة الحبر. لحظة واحدة، كنت أكتشف كيف يتهاطل ينوع الخلق وتبزغ الأعضاء آن الحمل، كيف تبتهل النفس وهي تشرف على براءة رضع يحترفون يباس الخطو كل أرض تبدو رحيمة بخطاهم، ثمة شعر لا يوصف، بدا ينحت لي غمر الهواء كل طفل يحبو ويلتاذ ببسمة الهمس، زخم تجربة لا أواري الدمع الذي يتأهب كلما تذكرت نقاوة وشقاوة حلولها، لذا تيقنت من أن المبتلى برحمة البوح وملاذ الشعر لا يلهيه عنه أي شيء، حتى آخر نبض يتشبث بخلعة الروح: من غير الموت، ولي أن أبعث الشك أيضاً.

ليست العائلة وحدها من يسرف في هبوب الأعباء والتفاصيل التي تزاحم وقت الشعر ولكنها الحياة ذاتها الأدهى بما لا يوصف وقدرتها على سرد كل شيء لمداهمة من توصي الوقت ليكون رئيفاً بحروف تكاد تصل الورق، لذا لابد من بلوغ الذات الشاعرة قدرة على التشبث بها وحدها، لتستحث التحدي الكامن في تاريخها وذاكرة إرثها العتي، لتجابه وحدها، مع من يستولي عليه مصاب الكتابة، مصير من يكتب في زمن عربي يمتاز بانهيال صدوعه، ورماحه التي تتصاهل كل هزم.

التحدي الكامن أمام كتابة المرأة العربية يتصف بتقصي رهان المخيلة، بالتحدي الذي يستحث كل ما يتقد آن الحياة لدوام نهضة الكتابة، تدبير الوقت الصعب عبر مفاضلة تتم بوعي صقيل، للتخلي عن زائف الهدر الاستهلاكي المتمثل بكل ما يعمل على انهمار اللغو، التغاوي عن هيمنة سيادة التسليع لكل مظاهر الزيف، وكل ما يبتغي الإسراف وهدر ما لا طائل له، من نفيس الوقت..

أخيراً تعريف الحياة والعائلة.. بأن ثمة هواء ووقت للكتابة لا ينبغي تخريب حريته، هنالك من تحدق في ليل يتيم لتحتمل فضاء الورقة، لتجفل آن سقطة الحبر كل حرف يجتبي تركة العزلة، ليدون معترك الجسد ورعدة الروح…

لا عذر لأحد ينتهك رهان وحدتها وليس لأحد أن يوقظ حلم الحرف الحاضن رؤاها، دعوها لتكتب.

 

تجتهد لتتقن نحتها بفرادة تدوم على الورق

هدى الجهوري

جريدة عمان – سلطنة عمان

فاجأتني الكاتبة الكندية مارجريت أتوود، وهي تطرح هذا السؤال الصاخب في كتابها “مفاوضات مع الموتى”:

ما هي الكتابة. هل هي نشاط إنساني، أم أنها تكليف إلهي أم هي مهنة، أو عمل مضجر نؤديه من أجل المال أو لعلها – أي الكتابة- فن، ولماذا يشعر كثير من الناس أنهم مجبرون على أدائها؟ ما الذي نعنيه بالضبط عندما نقول كاتبا؟ أي نوع من الكائنات نتصور؟

فرجينيا وولف ترى أن الكتابة تشبه السير في حجرة مظلمة ممسكة بمصباح يضيء ما هو موجود في الحجرة بالفعل.

مارجريت لورانس تشعر عندما تكتب أنها يعقوب يصارع ملكه في الظلام وهو فعل يجتمع فيه الجرح والسباب والمباركة في آن واحد.

وهنالك من قال إن الكتابة هي: “جمل – بفتح الجيم- صعب المراس”.

فما تصورك أنت عن الكتابة التي تمارسها.. عن الموقف الذي تجد نفسك فيه؟؟

– الكتابة فعل اختراق للصمت واكتشاف للذات في آن، ذاكرة ننصت للحياة من خلالها و ونرصف السطور بحروف لا تنشغل الا بحوافها الصعبة وأسئلتها النادرة، حرية لا تحد، الزمان والمكان مكونان يتقاطعان ويؤثران عمقياً في أتون الموهبة، لكنهما لا يحكمان تلك الجذوة المتقدة بجرأة الكلمات وجنة الرؤى، فهي دائمة البحث عن مكان يتسع لأقاصي حريتها، وزمان يحتمل آفاق رؤيتها، الكتابة وهي تكتشف مغاوير الذات الانسانية وهمومها، تجتهد لتتقن نحتها بفرادة تدوم على الورق.

كتابتي تعبر عما يتوافد في اعماقي من اسئلة وحوار دائم، وعما يتدافع نحوي من تجارب حياتية مكتومة بمقاديرها، عندما أكتب تتقدم تلك الاعتمالات الفكرية والفلسفية بتلقائية وتندغم في صور شعرية تتراكض نحو نهب المنتهى، ثمة تجربة شعرية تتخلق بذخائرها التي احتدت وهي تصطك في اعماق روحي قبل ان ترى نور البياض.

شاعرية التأمل طريقة لاستعادة الروح لاتزانها وسكونها بعيداً عن ضجيج العالم، للعزلة بمعنى الانفراد بالروح ضرورة بالغة لتشريف الشعر لضيافة الورق، بطبعي أحب الهدوء والصمت، الشعر زاد من توقي لمشاغلة الذات ومحاورتها، سواء عبر الكتابة أو خارج الكتابة، لدى عناية فائقة لترتيب المكان ليبدو أكثر ليلاً، لتهيئة الروح لتغدو اشد اشتعالاً.

الكتابة كالهواء.

كالحياة لا نشعر بصعوبة ينوعها على الأرض وهي تبدع الحدائق والغابات والأنهار والجبال العصية على التحديق، الحرف وهو يتقد على الورق لا يقل عن الفحم الذي تبلر في غوامض مناجم الروح ليضيء كالألماس واهب الرؤى.

 

امرأة تنام في الكون وتفتش عنه

حوار خلود فلاح

 

_ الشعر طاقة تعبيرية محملة بتحديات الروح للحياة.

تكتب فوزية السندي فينساب النص بشفافية تعكس تطلعات الشاعرة ورؤاها في الحياة والموت، الحب والكره، الحرية والكبت.

قصيدتها تبحث عن تميزها وهي كما تقول أحيا بمتعة الاكتشاف.

عبر فضاءها الإلكتروني تمكنت من التعرف على كتابات الشاعرة، وهذا ما يدفعني للقول شكرا لشبكة الإنترنت على هذا التواصل الجميل.

للشاعرة فوزية السندي صدر: استفاقات، هل أرى ما حولي، هل أصف ما حدث، حنجرة الغائب، آخر المهب. ملاذ الروح رهينة الألم.

 

* تقول الشاعرة إيميلي ديكنسون “عندما تقرأ نصاً فتصيبك تلك الرعشة، فأعرف أنك تقرأ شعرا” والشاعرة فوزية السندي ماذا تقول عن الشعر؟

– الشعر طاقة تعبيرية محملة بتحديات الروح تجاه هذه الحياة، حدوث القشعريرة آت من تلقينا لذبذبات وترددات طاقية صادرة من الحروف ذاتها، مشحونة بمشاعرنا، معبرة عن حالنا، تلك حروف تتسق في كلمات تتضامن مع بعضها لإشعال صورة شعرية مؤثرة، هذه الذبذبات هي طاقة صادرة من التجربة الإنسانية طيلة حياتنا، وكلما اقترن الشعر بحرارة الصدق التعبيري كلما استطاع أن يخلق هذا التأثير الملائكي بعمق أشد شفافية وأبعد مدى:

مصفدة أكثر مما ينبغي،

محتواة بحديد لا يُحد

مدشنة بغريب العبء،

مرسلة لمثاوي الحجر

أحاول أن أحلّق بأقصى جناح يحتمل.

الحرف طريق الحبر/الحبر ضريح الحرف/يمضيان الحياة والموت معاً/بلا هلع البدء ولا مسرة النهايات/لذا يتقنان كل شيء.

*هل يمكن الحديث اليوم عن علاقة بين النص الحديث والواقع إذا كان النص الحديث لا يهتم إلا بما هو هامشي أو مهمل؟

– أحد أوجه مصاب المشهد الثقافي العربي كامن في تلك الاطلاقات، والتعميمات أمام الشعر بالذات، كيف لا يكون للشعر صلة بالواقع وهو صادر عن كائن حي يحيا ويتأثر ويكتب، إذا كنا نتحدث عن الشعر وليس النظم أو تحبير الورقة بالكلمات، النص الشعري الصادر عن موهبة تحدق في الحياة، لا يتخلق على الورق إلا إذا كان يومض بنبض القلب:

قبل الورقة، قلما أرى

وبعدها،
يضلُّ النظر.

*

الغبار حكمة الصحراء

به تداوي غرور تلالٍ تتصاعد.

*

عندما تنتزع الأفعى جلدها الأخير

تحرضه دومًا على نحت جديدها القديم

لتتقدم به.

*

للزواحف موهبة أصابع

ترتسم دومًا على ترابٍ ضرير

لتكسر سر هذا الطريق.

*في ديوانك”رهينة الألم”أجدك تؤثثين لفلسفة الغياب والفقد والوجع والحب. لماذا؟ وما الذي على نصك ان يقوله ويسمعه؟

– رهينة الألم تجربة تكثفت مالاتها من خلال وقت ادلهمت فيه تجارب الفقد وأنارت لي علاقتي ومعرفتي بالموت، رحيل صديقتي ووالدتي ووالدي تباعاً، خلال شهور قليلة تفصل بينهم، وقت أتقنت فيه معنى الألم عندما يضفي حكمة الحياة وجلال المحبة على قلوبنا، كنت بحاجة للتوغل أكثر في مناجاة روافده وتفاصيله طيلة الألم، لذا بدأت النهل من بئر روحي، لأتمكن من تجاوز تحدياته العنيفة آنذاك.

الشعر مرآة روحي التي أنصت لها:

رهينة الألم:

كتابة، لم أكتبها.. لأكتشف الألم

بل لأعرف مداه

و
مآلات صداه.

 

*مما يتشكل العالم الذي تحلمين به؟

– الحلم يغوينا لتدارك الأسئلة التي لابد من معرفتها لنتمكن من معرفتنا، العالم ليس ما أحلم به بل ما أراه يتشكل أمامي، وأتوق لاكتشافه ومعرفته أكثر، محاولة التماس معه بعمق، التغيير يبدأ منى لا منه، لأعرفه اجتهد لمعرفتي، ممتنة للحياة التي ترافقني في كل نبض ونفس، لنا أن نقدر معنى هذا الهبة، فلا نهدر النعم بتصاعد العنف والتخريب وتزايد الألم وتعميم الشقاء الإنساني، الحياة لا تلام، بل أنفسنا ونحن نورث الدمار تلو الدمار:

كل ورقة، أشعل الليل

ليخجل من فحم حرف

صار أشد منه

 

عندما نال الليل

ما يعجز عنه جائر الحرف

أسلمت ردائي لعنوة الصباح

لطلقة تستبد بفيء الليل

كأني لم أحيا لغير ضوء الرصاص.

*القصيدة اليوم تبحث عن تميزها، أن تكون مغامرة، عن نبض حياة جديد. هل قصيدة فوزية السندي تبحث عن ذلك؟ وهل للمخزون المعرفي دوره في الكتابة؟

– المعرفة زاد الرؤيا التي تنساب على الورق، والمعرفة ليست المنهالة علينا من مصادر الثقافة الإنسانية فقط، بل تناغم هذه المنابع مع الوعي الكوني الصادر من شمولية التجربة الإنسانية، من تماسنا مع مصائر الحياة وكائناتها.

كل عمل فني رؤيوي يتقد بتميزه لكونه يعبر عن روح متميزة، فريدة بكل تفاصيلها وصفاتها عن الآخرين، ليست نصوصي ما تبحث عن ذلك بل أنا أيضاً أحيا الحياة بمتعة الاكتشاف والبحث الدائم:

الكتابةُ كالنمرة،

ملتاعة بموهبة توآتي براعة العضل

بغرورِ طيشٍ يستحل هبوبَ المخالب

بطش عنيف ضد من لا يباريه،

ومن لا يهتال منه.

 

*كيف يمكن الوصول إلى حداثة شعرية متجددة تسعى إلى ارتياد فعل التجريب والمغامرة؟

– لا أعرف كيف، بل أكتب ما أحياه لأعرف، الطريق أجمل من الوصول إلى غايات ونهايات عظمى، الكتابة وحدها تكفي:

الشعر كما النهر،

مبتلى باندفاع حروف عنيدة

تستميت،
لئلا تمس من أحد.. مرة أخرى.

 

بعدما بعثرت ثيابها وارتدتك

أغلقت غرفتها/واعتنت بغيابك.

*تكتبين بحس الأنثى أم بحس الأنثى الشاعرة؟

– أكتب بأحاسيس تشبهني.

امرأة تنام في الكون

وتفتش عنه.

 

القدرة السحرية التي يمتلكها الفن

وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء في روما

أرجو أن تجيبينني على الأسئلة التالية سريعا حتى نستكمل الترجمة إلى الإيطالية والإنجليزية قبل بداية المهرجان

  1. ما هي الدلالات التي يحملها هذا المهرجان؟

– اهم الدلالات التي يعمل المهرجان على تعزيزها هي وحدة المشهد الابداعي الانساني بكل تنويعاته واشكاله التعبيرية، خلق فضاءات للتفاعل بين الفنون والحد من المسافات التي تعزلها قسريا، تعميق الحوار الفاعل بين الحضارات المختلفة على الصعيد الثقافي والابداعي واثارة الأسئلة الوجودية، ان استضافة مدينة “روما” لهذا المهرجان يعيد للأذهان ما يحتدم في هذه العاصمة الثقافية بماضيها وحاضرها من اعتمال ابداعي في شتى المناشط الفكرية والثقافية والابداعية، نراه جلياً في حضور الماضي بجمالياته الفنية والمعمارية مع منجزات الحاضر ضمن لوحة تشكيلية بارعة ونابضة بالأمل.

2- هل يساعد الأدب عموما والشعر خصوصا في التقريب بين الشعوب المختلفة؟

– منذ بدء التاريخ الانساني، منذ ظلمة الكهوف منذ إنسان الكهف الأول الذي بدأ الحفر على الصخر ليبلغ العالم مدى وحشته، ليحتمل الحياة، كان الانسان يحاول ان يفهم ذاته عبر الفن وذلك ليحاور الآخر عن سر غموض الكون، كل الاشكال الفنية هي محاولة لسبر الروح و خلق لغة أخرى للبوح، كل الشعوب تصون أدواتها التعبيرية ومنجزاتها الابداعية من اجل تعريف الآخر عليها والتواصل الانساني معه، عندما تتقارب القلوب بالمحبة غير المشروطة التي يثيرها الابداع تتقارب الشعوب، أثق تماماً بتلك القدرة السحرية التي يمتلكها الفن للدفاع عن وحدة الوجود على هذا الكوكب… لكن من يصغي له؟

3- ما هي الوسائل المطلوبة لتحسين صورة العربي لدى المواطنين الغربيين؟

– على العربي ان يبدأ في تحسين صورته والانسجام والتصالح مع ذاته أولاً، قبل أن يطلب من الآخر ذلك، مشكلتنا الأساسية تكمن في غياب الحرية ومفهوم المواطنة والحريات العامة، الشعوب العربية تعرضت لقرون من ظلم المستعمر الذي صادر حرياتها، وأعقبته أنظمة توليتارية وفردية مستبدة، صادرت بدورها الحقوق والحريات الانسانية، أن أنظمة القمع والاستبداد تؤسس لقيام منظومة العنف دوماً، لكونها تعمل على خلق عقول غير مستقلة، مكبوتة، وسهلة الانقياد والتجييش العاطفي وراء زعامات انتهازية ترفع الشعارات الواهمة عبر العنف وحده، رغم تاريخنا الحضاري المكتنز بالمنجزات الابداعية والفلسفية والفكرية، الا أن راهننا يتعرض للتدمير المستمر بفعل القمع وسيادة التسلط، للنهوض من هذا الاستلاب لا بد من الحرية اولاً وأخيراً.

بالإضافة لما سبق، على الثقافة العربية ان تتصل بالثقافة الغربية عبر الترجمة لإبداعاتها، لتعريف الآخر على منجزاتها الراهنة، للأسف يتم في الغرب تعميم بعض الظاهرات العنيفة والإرهابية على عموم المشهد العربي، دون التمييز بين واقع مستلب ومقهور، وبين ظاهرات ابداعية تقاوم من اجل الحرية، من خلق مشروعها الثقافي والابداعي، مثلاً على صعيد واقع المرأة العربية، بالرغم من الكبت والمعاناة التي ترزح من خلالها بمصادرة حقوقها عبر تسيد التابو المجتمعي، الا أن هنالك حركة نسائية، ونماذج مبدعة، مشرفة تمكنت من المقاومة والدفاع عن قضاياها وحقوقها وتدشين مشروعها التحرري، كما يلعب الاعلام الغربي دراً غير محايد يسعى دوماً لتشويه صورة العربي وإحلال الصورة النمطية للأرهابي الذي يحمل البارود والمرأة الجارية التى تمشى خلفة مغمورة بالسواد، هذا المنطق الاعلامي المتحيز يسهم بشكل كبير في تشويه حضارة عربية تمتلك العديد من الشرفات الابداعية المشرفة.

4- كيف يمكن تجنب ما سمي بـ صدام الحضارات؟

– من الصعب الاجابة باختصار على اشكالية حضارية معقدة كمفهوم صدام الحضارات الذي ينبني على العديد من المحاور المتداخلة اقتصادياً واجتماعيا وسياسيا وثقافيا ضمن مفهومات عنيفة ومتسلطة تتسيد العالم الآن، لا توجد طريق سالكة لمداولة مشكلاتنا بشكل عمقي غير ضمان آليات الحوار المستندة على قبول الآخر المختلف، واحترام حقه وحريته في التعبير، وهذا ما ينبغي له ان يسود، هذا ما تعلمنا إياه الحياة كل يوم وهي تنهض بعناصر الطبيعة المختلفة والمتجاورة والمتناغمة بحرية ومحبة.

-5 كيف يمكن تنشيط ترجمة الأدب العربي إلى الإيطالية وبقية اللغات الأوروبية؟

  • يشكل مشروع الترجمة للأدب العربي أحدى ابرز المعضلات التي يعاني منها الادب العربي في تواصله والآخر، وهذه مسؤولية المؤسسات الادبية في الوطن العربي بشكل أساسي التي عليها ان تلعب دوراً في ايصال المنتج الثقافي والابداعي، وكذلك تتحمل مرتكزات الثقافة في الدول الأوروبية بشكل تبادلي مثل هذه المسؤولية، بحيث تضمن تواصلاً عميقاً مع المنتوج الفكري والثقافي والفني العربي، يزيد من ثراء المشهد الانساني، هذه المسؤولية حضارية بدرجة اساسية، الترجمة هي مسألة تفاعلية تزيد من حضورها المهرجانات والملتقيات الإبداعية، لكونها الجسر الوحيد لتلاحم شعوب هذه الأرض عبر المحبة والنور والسلام.

الشعر يضيء الورق بحبر الروح

حوار جريدة الأيام – البحرين

– في أي اتجاه سوف تتحول تقنيات الكتابة الحديثة في مجاراة عصر الإعلام الرقمي؟ ما الذي يمكن أن تحدثه عملية الانتقال هذا، انتقال الكتابة الإبداعية من عوالم الحبر إلى إحداثيات ” النقاط الضوئية” pixels محققة نقلتها النوعية من طواعية القلم إلى غواية الحرف الإلكتروني على الشاشة؟ وما الذي يميز النص الرقمي عن مثله البكر على الورق؟ وهل تعتبر تجربة الكتابة على الكمبيوتر جواز سفر للكتابة إلى عالم الحداثة وما بعد الحداثة؟

– منذ أن بدأ الإنسان الاشتغال على ترجمة مشاعره و أحاسيسه بمختلف الطرق الفنية، لم ينشغل إطلاقا بماهية أدوات التعبير، بقدر قلقه البالغ على طبيعة تخليق طاقة النص الإبداعية بما تحتمل من رؤى مغايرة و جريئة، إن تطور أدواته التعبيرية منذ الحفر على جدران الكهوف و الكتابة المسمارية و النقش على المسلات الفرعونية حتى عهد الحبر و من ثم الكتابة على الكمبيوتر، كلها تشكل متغيرات تتعلق بآليات التحديث و العصرنه، شأنها شأن كل تفاصيلنا الحياتية التي تطورت أيضاً، لا أرى علاقة جوهرية، عمقية، تصلها بتجربة الكتابة الإبداعية، بما تعنيه من تحد لصوغ رحى تجربة روحية، جوانية تطال كل الرؤى المعرفية و الفلسفية والوجدانية للمبدع، لذا قرأنا أجمل الشعر خارجاً من ظلمة السجون و هو مكتوباً على ما يشبه الورق، أو محفوراً على جدران المعتقل، متحدياً بذلك صلافة القهر. أمام القلم أو الكمبيوتر، أمام الورق أو بياض الشاشة، يحدق الجسد وحيداً، غارقاً في ظلام عوالمه الذاتية، ليشتعل فجأة أمام أول حرف تطرقه الأصابع على البياض الكريم، لينهال فيما بعد ما لم يكن يراه من خفايا رؤاه، انهيال أعمى، يضيء الورق بحبر الروح.

الكتابة لا تتصل بأدوات صماء لها أن تتغير وتتبدل، لكنها تتصل بخفق الحب وبمجرى الدم، الذي يصل القلب دوماً.

 

الريكي علم من علوم الاستشفاء الذاتي

الكاتبة: عذراء عيدان

دولة الكويت

1-ما المقصود بالريكي جين كي دو؟ ولم الاختلاف في اسماء ومدارس الريكي؟ بل وانواعه

الريكي علم ياباني قديم عمره أربعة آلاف عام يستخدم الطاقة لشفاء الجسد والنفس والعقل عبر تنشيط مراكز الطاقة ومن ثم تنشيط جهاز المناعة ليتحقق الاستشفاء الذاتي ويبدأ الجسد بمعالجة نفسه من خلال الطاقة، الريكي يشبه العلاج بالأبر الصينية دون استخدام الأبر بل بوضع اليد والضغط على بعض المراكز، هذا العلاج كان متداولا لدى العديد من الشعوب، بعضها حافظ عليه، في حين ألتهت الأمم الأخرى بالخلافات والحروب، الريكي كغيره من العلوم جاءتنا من حضارات أخرى.

الريكي Reiki I هو علم الطاقة الكونية، الطاقة هي المجال الذي يحيط بنا ويبدأ من أصغر شيء هو الذرة. اننا نحيا في حقل من الطاقة، هناك طاقة حرارية وحركية وصوتية وكهربائية وغيرها، تختلف حسب كثافة المادة ونوعية ذبذباتها. كل تلك الطاقات المختلفة تؤثر وتتأثر بالمحيط الخارجي.

الريكي هو العلاج بالطاقة الكونية، كلمة جن تعني الرحمة أو المحبة وكي الحكمة ودو الطريق، طريق المحبة والحكمة، وهو نوع من انواع العلاج بالطاقة، كلمة ريكي مكونه من كلمتين الأولى “ري” وتعني الطاقة الكونية الشفائية التي يبثها الله سبحانه وتعالى في الكون كل فجر وهي طاقة النور لشفاء كل كائناته ومخلوقاته في الكون، وكلمة “كي” تعني الطاقة الحيوية في اجسادنا الناتجة عن تفاعل طاقة الغذاء والهواء، كل الكائنات تتنفس طاقة الري أي الطاقة الكونية والتي تندمج بالطاقة الحيوية الكي وتتدفق في اجسادنا كطاقة شافية متكاملة وتسمى ريكي، وتندفع من مراكز الطاقة في ايدينا لغاية الاستشفاء الذاتي.

لقد تم أعادة اكتشاف الريقي بعد الحرب العالمية الثانية البروفسور الياباني د. ميكاو يوسوي، هو وسيلة سهلة وفعالة للعـلاج والشفاء عن طريق التوافق الداخلي ويمكن اختبارها بجلسات علاجية، أو تعلمها عن طريق دورات جماعية، تأملات الريقي تحسن أسباب الصحة والراحة وتقوي القدرة على التخلص من الأسباب الكامنة للألم والمعاناة والمرض.

مع تأملات الريكي تتدفق طاقة عبر اليدين لتحقق التوازن على كافة المستوى الجسدي والعقلي والروحي، تتم معالجة المشاكل الصحية بصورة طبيعية، وهو يعمل على التغلب على الخوف والتفكير الايجابي في المواقف الصعبة مما يحسن القدرة على اتخاذ القرارات الصائبة، الريكي يعزز القدرة على تبادل المحبة غير المشروطة ويقوي النمو الروحي.

للريكي مدارس مختلفة وكل مدرسه لها تأملاتها المختلفة الناتجة عن التطور الحاصل في هذا العلم والاضافات التي اضافها كل معلم على حده لتطوير العلاج بالطاقة.

2- وكيف تتناغم طاقة الحيوية مع الطاقة الكونية؟

يحدث التناغم او الاندماج بين الطاقة الحيوية في اجسادنا والطاقة الكونية بشكل تلقائي لتحقيق التوازن الداخلي للطاقة في اجسادنا

3- هل كل انسان يستطيع ان يمارس الريكي او يخضع للشفاء بالطاقة الكونية؟

طبعا، كل انسان يستطيع الاستفادة من علاج الريكي او ممارسته بعد التدريب على يد معلم(ماستر) مؤهل من خلال دورة تدريبية.

4- وهل تبحثون عن اصول الامراض ام تعالجون المرض بحد ذاته دون الالتفات الى اسبابه؟

– العلاج بالطاقة (الريكي) علاج متاح للجميع من أجل الاستفادة منه وتعلمه لعلاج الذات والآخرين وذلك من خلال دورة تدريبية للمستوى الأول يتم من خلالها عمل دوزنة لمراكز الطاقة في جسم المتدرب بواسطة معلم (ماستر) مؤهل، عملية الدوزنة هذه تعتمد على ضبط مراكز الطاقة لاستقبال وتدفق الطاقة الشفائية عبر مساراتها في جهاز الطاقة، وبعد ذلك يتم التدريب على طريقة معالجة الذات والآخرين بالإضافة لتعلم تأملات أخرى.

كما أشرت سابقاً العلاج يتم من خلال تدفق الطاقة الكونية الموجودة في كل مكان من حولنا عبر مراكز الطاقة ثم مسارات الطاقة في جسد المعالج، ومن ثم انتقالها الى جسد المريض عبر الضغط أو وضع اليد على نقاط محددة تشبه الى حد كبير نقاط العلاج بالأبر الصينية، مما يعمل على تدفق الطاقة وتنشيط مراكزها ومساراتها في جسد المريض وتقوية جهاز المناعة الذي يبدأ في علاج أسباب المرض الجذرية وشفاء المريض من الأعراض الناتجة عنه.

5- ما الامراض التي يعالجها الريكي؟

-العلاج بالريكي يعتمد على تنشيط مراكز الطاقة وجهاز المناعة وكافة الاجهزة الحيوية وبالتالي يحدث الاستشفاء الذاتي، لذلك يعالج كافة الامراض.

المعالج يبدأ في تطبيق طريقة العلاج التي تحفز مراكز الطاقة والجسم هو الذي يعالج المرض، والاستشفاء الذاتي عبر معالجة الخلل الحادث في طاقة الجسم، وهنا يتم علاج الاسباب الجذرية للمرض.

6- من خلال خبرتكم كيف تتعرفون الى مكامن الضعف في المتعالج لديكم؟ وكيف تساعدونه؟ اتكفي اللمسة الشافية في العلاج ام هناك نصائح تقدمونها؟

العلاج عبارة عن ثلاث جلسات خلال ثلاثة ايام متتالية، كل جلسة ساعة، ومن خلال العلاج يتم التعرف على مواطن الضعف او انخفاض الطاقة في هالة المريض أو جسده، ولا نقدم نصائح للمريض لكون الجلسة عملية وليست استشارية.

7- ان نقص الطاقة في جاكرا معينة هي التي تسبب المرض، فهل ترون ان الانسان بجهله لحقيقة تكوينه او نفسه الداخلية ادى الى ذلك؟ وكيف؟

الجهل بشكل عام عبارة عن طاقة سلبية تحجب الوعي، الريكي يعمل على زيادة الوعي تجاه تعميق حقيقة وجودنا في هذه الحياة. المرض يكمن في انخفاض الطاقة في المراكز المختلفة ولذلك اسباب عديدة.

8- كيف يخلق الوعي للذات الاتزان الداخلي للنفس البشرية؟

كيف يخلق النور طريق الحياة الواعية للبشر؟ وما الوسائل التي يمكن استخدامها؟

الريقي من الرياضات التأملية التي تعمل على خلق التوازن بين الجسد والعقل والروح من أجل تحقيق تكامل الفرد مع ذاته وتحقيق هدفه المنشود نحو الصحة والتحقق الروحي، الاختلاف يكمن في كونهما طريقتين مختلفتين في طبيعة التأملات المستخدمة والممارسة العلاجية، اليوجا تعتمد على القيام بتمارين محددة، والريكي عبر القيام بجلسات التأمل والجلسات العلاجية للذات وللآخرين.

9- كيف يمكن للمتدربين استخدام قانون الكارما الى صالحهم؟

قانون الكارما هو قانون العدالة الكونية، لكل فعل نتيجة، وفي ثقافتنا الاسلامية: من عمل مثقال ذرة خيرا يره ومن عمل مثقال ذرة شرا يره” وببساطة علينا ان نختار افكارنا لتكون خيره وايجابية لأنها ستتحول الى اقوال ومن ثم افعال وستحدد مصيرنا في هذه الحياة، وعلينا ان نتحمل فيما بعد نتاج هذه الافكار والاقوال والافعال والنوايا ايضا.

10-توجهين الناس وتعالجينهم بالريكي فهل بالفعل استطعت تغيير حياة ناس واخذت بيدهم نحو طريق الامان والرقي؟

الناس هم من يقومون بتغيير حياتهم بإرادتهم، لا يمكن لأحد أن يغير حياة أحد الا برغبته وقناعته بدوره في تغيرها، دورنا في عملية التدريب عبر الدورات او جلسات العلاج هي مساهمة بسيطة من اجل المساعدة المبدئية فقط.

11-يتردد كثير من الناس في مسألة دراسة الريكي والخضوع لجلسات علاجية، فهل حقا يمانع الدين من ممارسة الريكي؟

الريكي علم من علوم الاستشفاء الذاتي، ولا يتعارض مع الاديان بل يؤكد على كل القيم التي نادت بها الاديان والشرائع، من خلال تأكيده على اهمية العمل الصالح ومراقبة العقل والمشاعر والابتعاد عن كل الطاقات السلبية التي تكدر الجسد وتسبب الامراض المختلفة.

12-هل الريكي منتشر في الكثير من دول العالم أم أن بعض الدول تحظر اللجوء إليه؟

– العلاج بالريكي منتشر في أغلب دول العالم، ولقد لعب دوراً كبيراً في اليابان أبان الحرب العالمية الثانية لعلاج ضحايا قنبلة هيروشيما، ولقد بدأت العديد من المستشفيات الأمريكية والأوروبية أدخال العلاج بالريكي لفاعلية هذا الاستشفاء من الأمراض مثل النظام الوطني للخدمات الصحية في بريطانيا:

National Health Service NHS

وكذلك (Medicare) وهي شركة تأمين حكومية في الولايات المتحدة الأمريكية تدفع تأمين صحي لعلاج الريكي للمواطنين، يكفينا إلقاء نظرة على علاج الريكي عبر الأنترنت لنتأكد من مدى الحجم الفعلي لتداول الريكي في المنظمات الصحية الحكومية والخاصة في العالم، ولم أسمع عن أي دولة حظرت تداول علاج الريكي.

وفي دول الخليج هناك مراكز لتدريب وعلاج الريقي، ثمة أقبال كبير على العلاج بالريكي وعلى التعلم أيضاً، وذلك للنتائج الصحية التي تحقق منها المرضى بشكل عملي من خلال جلسات العلاج، كما أن هناك القانون الخاص بالعلاجات البديلة/الطب التكميلي الذي سيصدر قريباً، والذي سوف يسهم في تنظيم العلاج بالريكي وزيادة الوعي بأهميته، فالمرء عدو ما يجهل.

13- هل يساعدنا الريكي في التخلص من الطاقات السلبية الموجودة في الافكار والمشاعر والعادات الخاطئة؟

– أن استضافة القلب لطاقات سلبية كالحسد والحقد والغيرة تسهم في تدمير صحة الإنسان، وان “الإيجور Ego” الأنا هو مصدر العذاب للإنساني، الريقي يعمل على تنقية الإنسان والسمو به، عبر العودة به لطبيعته الأصلية. طبيعته المحبة للسلام.

كما اشارت الى ان الريكي يعيد تنظيم عاداتنا الني تشوهت بفعل الحياة الاستهلاكية، منها العادات الغذائية، كلما كان الأكل نقيا ونظيفا كلما أعطانا طاقة إيجابية. علينا أن نأخذ كفايتنا من الأكل وليس كما يحصل اليوم، عندما أصبح الأكل لأجل التسلية والمتعة.

كان آبائنا وأجدانا يأكلون أكلا نقيا، ونظيفا، لم يعرفوا جشع التخزين والتجميد للأغذية، واستهلاك المعلبات، وأكل تلك السموم المتمثلة بالمواد الصبغية والكيماوية والغازية، فكانوا يشترون الغذاء الطازج من السوق ويطبخونها بأنفسهم في المنزل.

أن تدمير القيم الاستهلاكية لم تقف عن حد الشراهة في الأكل والتبضع بل طالت مشاعرنا، فتحول الحب الغير مشروط الى حب مصالح وتملك وتحكم بالآخر، مما ادى الى انتشار المشاعر السلبية كالغيرة وعدم الثقة والخوف والقلق والتوتر العاطفي الدائم، المسببات الاساسية لتخريب العائلة وتدمير الاسرة، وأصبح الزوج يريد ان يتحكم في زوجته، والزوجة تريد ان تراقب زوجها كل الوقت وتتحكم به، لأن مشاعر الغضب، والحسد، والغيرة موجودة بينهما، حياتنا بعيدة عن التوكل على الله خالية من الرضا، حل محلها طاقة القلق. القلق على كل شيء، نخاف كثيرا من المستقبل، ولا ننسى الماضي، وغير قادرين على التسامح، نفسد نعمة الحاضر ولا نستمتع بها فلا نستمتع بما وهبنا الله في لحظتنا الحالية. غير قادرين على الغفران والعفو عن الأشخاص اللذين أساءت لنا في الماضي، وغير قادرين على التخلص من الشعور بالذنب على أخطاء ارتكبناها في الماضي.

الريكي يركز ويؤكد على عيش اللحظة الحالية، التي لا نملك غيرها، فلا الماضي سيعود، ولا نملك المستقبل. للأسف أن الإنسان لا يدرك هذه النعمة الكبيرة التي انعم الله بها عليه. ومن هنا ترى أمامك أناسا كثر لا يعرفون طعم السعادة تجدهم دائما قلقين مهمومين، على أشياء لا يستطيعون إزائها فعل شيء أو تغيرها.