القدرة السحرية التي يمتلكها الفن

وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء في روما

أرجو أن تجيبينني على الأسئلة التالية سريعا حتى نستكمل الترجمة إلى الإيطالية والإنجليزية قبل بداية المهرجان

  1. ما هي الدلالات التي يحملها هذا المهرجان؟

– اهم الدلالات التي يعمل المهرجان على تعزيزها هي وحدة المشهد الابداعي الانساني بكل تنويعاته واشكاله التعبيرية، خلق فضاءات للتفاعل بين الفنون والحد من المسافات التي تعزلها قسريا، تعميق الحوار الفاعل بين الحضارات المختلفة على الصعيد الثقافي والابداعي واثارة الأسئلة الوجودية، ان استضافة مدينة “روما” لهذا المهرجان يعيد للأذهان ما يحتدم في هذه العاصمة الثقافية بماضيها وحاضرها من اعتمال ابداعي في شتى المناشط الفكرية والثقافية والابداعية، نراه جلياً في حضور الماضي بجمالياته الفنية والمعمارية مع منجزات الحاضر ضمن لوحة تشكيلية بارعة ونابضة بالأمل.

2- هل يساعد الأدب عموما والشعر خصوصا في التقريب بين الشعوب المختلفة؟

– منذ بدء التاريخ الانساني، منذ ظلمة الكهوف منذ إنسان الكهف الأول الذي بدأ الحفر على الصخر ليبلغ العالم مدى وحشته، ليحتمل الحياة، كان الانسان يحاول ان يفهم ذاته عبر الفن وذلك ليحاور الآخر عن سر غموض الكون، كل الاشكال الفنية هي محاولة لسبر الروح و خلق لغة أخرى للبوح، كل الشعوب تصون أدواتها التعبيرية ومنجزاتها الابداعية من اجل تعريف الآخر عليها والتواصل الانساني معه، عندما تتقارب القلوب بالمحبة غير المشروطة التي يثيرها الابداع تتقارب الشعوب، أثق تماماً بتلك القدرة السحرية التي يمتلكها الفن للدفاع عن وحدة الوجود على هذا الكوكب… لكن من يصغي له؟

3- ما هي الوسائل المطلوبة لتحسين صورة العربي لدى المواطنين الغربيين؟

– على العربي ان يبدأ في تحسين صورته والانسجام والتصالح مع ذاته أولاً، قبل أن يطلب من الآخر ذلك، مشكلتنا الأساسية تكمن في غياب الحرية ومفهوم المواطنة والحريات العامة، الشعوب العربية تعرضت لقرون من ظلم المستعمر الذي صادر حرياتها، وأعقبته أنظمة توليتارية وفردية مستبدة، صادرت بدورها الحقوق والحريات الانسانية، أن أنظمة القمع والاستبداد تؤسس لقيام منظومة العنف دوماً، لكونها تعمل على خلق عقول غير مستقلة، مكبوتة، وسهلة الانقياد والتجييش العاطفي وراء زعامات انتهازية ترفع الشعارات الواهمة عبر العنف وحده، رغم تاريخنا الحضاري المكتنز بالمنجزات الابداعية والفلسفية والفكرية، الا أن راهننا يتعرض للتدمير المستمر بفعل القمع وسيادة التسلط، للنهوض من هذا الاستلاب لا بد من الحرية اولاً وأخيراً.

بالإضافة لما سبق، على الثقافة العربية ان تتصل بالثقافة الغربية عبر الترجمة لإبداعاتها، لتعريف الآخر على منجزاتها الراهنة، للأسف يتم في الغرب تعميم بعض الظاهرات العنيفة والإرهابية على عموم المشهد العربي، دون التمييز بين واقع مستلب ومقهور، وبين ظاهرات ابداعية تقاوم من اجل الحرية، من خلق مشروعها الثقافي والابداعي، مثلاً على صعيد واقع المرأة العربية، بالرغم من الكبت والمعاناة التي ترزح من خلالها بمصادرة حقوقها عبر تسيد التابو المجتمعي، الا أن هنالك حركة نسائية، ونماذج مبدعة، مشرفة تمكنت من المقاومة والدفاع عن قضاياها وحقوقها وتدشين مشروعها التحرري، كما يلعب الاعلام الغربي دراً غير محايد يسعى دوماً لتشويه صورة العربي وإحلال الصورة النمطية للأرهابي الذي يحمل البارود والمرأة الجارية التى تمشى خلفة مغمورة بالسواد، هذا المنطق الاعلامي المتحيز يسهم بشكل كبير في تشويه حضارة عربية تمتلك العديد من الشرفات الابداعية المشرفة.

4- كيف يمكن تجنب ما سمي بـ صدام الحضارات؟

– من الصعب الاجابة باختصار على اشكالية حضارية معقدة كمفهوم صدام الحضارات الذي ينبني على العديد من المحاور المتداخلة اقتصادياً واجتماعيا وسياسيا وثقافيا ضمن مفهومات عنيفة ومتسلطة تتسيد العالم الآن، لا توجد طريق سالكة لمداولة مشكلاتنا بشكل عمقي غير ضمان آليات الحوار المستندة على قبول الآخر المختلف، واحترام حقه وحريته في التعبير، وهذا ما ينبغي له ان يسود، هذا ما تعلمنا إياه الحياة كل يوم وهي تنهض بعناصر الطبيعة المختلفة والمتجاورة والمتناغمة بحرية ومحبة.

-5 كيف يمكن تنشيط ترجمة الأدب العربي إلى الإيطالية وبقية اللغات الأوروبية؟

  • يشكل مشروع الترجمة للأدب العربي أحدى ابرز المعضلات التي يعاني منها الادب العربي في تواصله والآخر، وهذه مسؤولية المؤسسات الادبية في الوطن العربي بشكل أساسي التي عليها ان تلعب دوراً في ايصال المنتج الثقافي والابداعي، وكذلك تتحمل مرتكزات الثقافة في الدول الأوروبية بشكل تبادلي مثل هذه المسؤولية، بحيث تضمن تواصلاً عميقاً مع المنتوج الفكري والثقافي والفني العربي، يزيد من ثراء المشهد الانساني، هذه المسؤولية حضارية بدرجة اساسية، الترجمة هي مسألة تفاعلية تزيد من حضورها المهرجانات والملتقيات الإبداعية، لكونها الجسر الوحيد لتلاحم شعوب هذه الأرض عبر المحبة والنور والسلام.

الشعر يضيء الورق بحبر الروح

حوار جريدة الأيام – البحرين

– في أي اتجاه سوف تتحول تقنيات الكتابة الحديثة في مجاراة عصر الإعلام الرقمي؟ ما الذي يمكن أن تحدثه عملية الانتقال هذا، انتقال الكتابة الإبداعية من عوالم الحبر إلى إحداثيات ” النقاط الضوئية” pixels محققة نقلتها النوعية من طواعية القلم إلى غواية الحرف الإلكتروني على الشاشة؟ وما الذي يميز النص الرقمي عن مثله البكر على الورق؟ وهل تعتبر تجربة الكتابة على الكمبيوتر جواز سفر للكتابة إلى عالم الحداثة وما بعد الحداثة؟

– منذ أن بدأ الإنسان الاشتغال على ترجمة مشاعره و أحاسيسه بمختلف الطرق الفنية، لم ينشغل إطلاقا بماهية أدوات التعبير، بقدر قلقه البالغ على طبيعة تخليق طاقة النص الإبداعية بما تحتمل من رؤى مغايرة و جريئة، إن تطور أدواته التعبيرية منذ الحفر على جدران الكهوف و الكتابة المسمارية و النقش على المسلات الفرعونية حتى عهد الحبر و من ثم الكتابة على الكمبيوتر، كلها تشكل متغيرات تتعلق بآليات التحديث و العصرنه، شأنها شأن كل تفاصيلنا الحياتية التي تطورت أيضاً، لا أرى علاقة جوهرية، عمقية، تصلها بتجربة الكتابة الإبداعية، بما تعنيه من تحد لصوغ رحى تجربة روحية، جوانية تطال كل الرؤى المعرفية و الفلسفية والوجدانية للمبدع، لذا قرأنا أجمل الشعر خارجاً من ظلمة السجون و هو مكتوباً على ما يشبه الورق، أو محفوراً على جدران المعتقل، متحدياً بذلك صلافة القهر. أمام القلم أو الكمبيوتر، أمام الورق أو بياض الشاشة، يحدق الجسد وحيداً، غارقاً في ظلام عوالمه الذاتية، ليشتعل فجأة أمام أول حرف تطرقه الأصابع على البياض الكريم، لينهال فيما بعد ما لم يكن يراه من خفايا رؤاه، انهيال أعمى، يضيء الورق بحبر الروح.

الكتابة لا تتصل بأدوات صماء لها أن تتغير وتتبدل، لكنها تتصل بخفق الحب وبمجرى الدم، الذي يصل القلب دوماً.

 

الريكي علم من علوم الاستشفاء الذاتي

الكاتبة: عذراء عيدان

دولة الكويت

1-ما المقصود بالريكي جين كي دو؟ ولم الاختلاف في اسماء ومدارس الريكي؟ بل وانواعه

الريكي علم ياباني قديم عمره أربعة آلاف عام يستخدم الطاقة لشفاء الجسد والنفس والعقل عبر تنشيط مراكز الطاقة ومن ثم تنشيط جهاز المناعة ليتحقق الاستشفاء الذاتي ويبدأ الجسد بمعالجة نفسه من خلال الطاقة، الريكي يشبه العلاج بالأبر الصينية دون استخدام الأبر بل بوضع اليد والضغط على بعض المراكز، هذا العلاج كان متداولا لدى العديد من الشعوب، بعضها حافظ عليه، في حين ألتهت الأمم الأخرى بالخلافات والحروب، الريكي كغيره من العلوم جاءتنا من حضارات أخرى.

الريكي Reiki I هو علم الطاقة الكونية، الطاقة هي المجال الذي يحيط بنا ويبدأ من أصغر شيء هو الذرة. اننا نحيا في حقل من الطاقة، هناك طاقة حرارية وحركية وصوتية وكهربائية وغيرها، تختلف حسب كثافة المادة ونوعية ذبذباتها. كل تلك الطاقات المختلفة تؤثر وتتأثر بالمحيط الخارجي.

الريكي هو العلاج بالطاقة الكونية، كلمة جن تعني الرحمة أو المحبة وكي الحكمة ودو الطريق، طريق المحبة والحكمة، وهو نوع من انواع العلاج بالطاقة، كلمة ريكي مكونه من كلمتين الأولى “ري” وتعني الطاقة الكونية الشفائية التي يبثها الله سبحانه وتعالى في الكون كل فجر وهي طاقة النور لشفاء كل كائناته ومخلوقاته في الكون، وكلمة “كي” تعني الطاقة الحيوية في اجسادنا الناتجة عن تفاعل طاقة الغذاء والهواء، كل الكائنات تتنفس طاقة الري أي الطاقة الكونية والتي تندمج بالطاقة الحيوية الكي وتتدفق في اجسادنا كطاقة شافية متكاملة وتسمى ريكي، وتندفع من مراكز الطاقة في ايدينا لغاية الاستشفاء الذاتي.

لقد تم أعادة اكتشاف الريقي بعد الحرب العالمية الثانية البروفسور الياباني د. ميكاو يوسوي، هو وسيلة سهلة وفعالة للعـلاج والشفاء عن طريق التوافق الداخلي ويمكن اختبارها بجلسات علاجية، أو تعلمها عن طريق دورات جماعية، تأملات الريقي تحسن أسباب الصحة والراحة وتقوي القدرة على التخلص من الأسباب الكامنة للألم والمعاناة والمرض.

مع تأملات الريكي تتدفق طاقة عبر اليدين لتحقق التوازن على كافة المستوى الجسدي والعقلي والروحي، تتم معالجة المشاكل الصحية بصورة طبيعية، وهو يعمل على التغلب على الخوف والتفكير الايجابي في المواقف الصعبة مما يحسن القدرة على اتخاذ القرارات الصائبة، الريكي يعزز القدرة على تبادل المحبة غير المشروطة ويقوي النمو الروحي.

للريكي مدارس مختلفة وكل مدرسه لها تأملاتها المختلفة الناتجة عن التطور الحاصل في هذا العلم والاضافات التي اضافها كل معلم على حده لتطوير العلاج بالطاقة.

2- وكيف تتناغم طاقة الحيوية مع الطاقة الكونية؟

يحدث التناغم او الاندماج بين الطاقة الحيوية في اجسادنا والطاقة الكونية بشكل تلقائي لتحقيق التوازن الداخلي للطاقة في اجسادنا

3- هل كل انسان يستطيع ان يمارس الريكي او يخضع للشفاء بالطاقة الكونية؟

طبعا، كل انسان يستطيع الاستفادة من علاج الريكي او ممارسته بعد التدريب على يد معلم(ماستر) مؤهل من خلال دورة تدريبية.

4- وهل تبحثون عن اصول الامراض ام تعالجون المرض بحد ذاته دون الالتفات الى اسبابه؟

– العلاج بالطاقة (الريكي) علاج متاح للجميع من أجل الاستفادة منه وتعلمه لعلاج الذات والآخرين وذلك من خلال دورة تدريبية للمستوى الأول يتم من خلالها عمل دوزنة لمراكز الطاقة في جسم المتدرب بواسطة معلم (ماستر) مؤهل، عملية الدوزنة هذه تعتمد على ضبط مراكز الطاقة لاستقبال وتدفق الطاقة الشفائية عبر مساراتها في جهاز الطاقة، وبعد ذلك يتم التدريب على طريقة معالجة الذات والآخرين بالإضافة لتعلم تأملات أخرى.

كما أشرت سابقاً العلاج يتم من خلال تدفق الطاقة الكونية الموجودة في كل مكان من حولنا عبر مراكز الطاقة ثم مسارات الطاقة في جسد المعالج، ومن ثم انتقالها الى جسد المريض عبر الضغط أو وضع اليد على نقاط محددة تشبه الى حد كبير نقاط العلاج بالأبر الصينية، مما يعمل على تدفق الطاقة وتنشيط مراكزها ومساراتها في جسد المريض وتقوية جهاز المناعة الذي يبدأ في علاج أسباب المرض الجذرية وشفاء المريض من الأعراض الناتجة عنه.

5- ما الامراض التي يعالجها الريكي؟

-العلاج بالريكي يعتمد على تنشيط مراكز الطاقة وجهاز المناعة وكافة الاجهزة الحيوية وبالتالي يحدث الاستشفاء الذاتي، لذلك يعالج كافة الامراض.

المعالج يبدأ في تطبيق طريقة العلاج التي تحفز مراكز الطاقة والجسم هو الذي يعالج المرض، والاستشفاء الذاتي عبر معالجة الخلل الحادث في طاقة الجسم، وهنا يتم علاج الاسباب الجذرية للمرض.

6- من خلال خبرتكم كيف تتعرفون الى مكامن الضعف في المتعالج لديكم؟ وكيف تساعدونه؟ اتكفي اللمسة الشافية في العلاج ام هناك نصائح تقدمونها؟

العلاج عبارة عن ثلاث جلسات خلال ثلاثة ايام متتالية، كل جلسة ساعة، ومن خلال العلاج يتم التعرف على مواطن الضعف او انخفاض الطاقة في هالة المريض أو جسده، ولا نقدم نصائح للمريض لكون الجلسة عملية وليست استشارية.

7- ان نقص الطاقة في جاكرا معينة هي التي تسبب المرض، فهل ترون ان الانسان بجهله لحقيقة تكوينه او نفسه الداخلية ادى الى ذلك؟ وكيف؟

الجهل بشكل عام عبارة عن طاقة سلبية تحجب الوعي، الريكي يعمل على زيادة الوعي تجاه تعميق حقيقة وجودنا في هذه الحياة. المرض يكمن في انخفاض الطاقة في المراكز المختلفة ولذلك اسباب عديدة.

8- كيف يخلق الوعي للذات الاتزان الداخلي للنفس البشرية؟

كيف يخلق النور طريق الحياة الواعية للبشر؟ وما الوسائل التي يمكن استخدامها؟

الريقي من الرياضات التأملية التي تعمل على خلق التوازن بين الجسد والعقل والروح من أجل تحقيق تكامل الفرد مع ذاته وتحقيق هدفه المنشود نحو الصحة والتحقق الروحي، الاختلاف يكمن في كونهما طريقتين مختلفتين في طبيعة التأملات المستخدمة والممارسة العلاجية، اليوجا تعتمد على القيام بتمارين محددة، والريكي عبر القيام بجلسات التأمل والجلسات العلاجية للذات وللآخرين.

9- كيف يمكن للمتدربين استخدام قانون الكارما الى صالحهم؟

قانون الكارما هو قانون العدالة الكونية، لكل فعل نتيجة، وفي ثقافتنا الاسلامية: من عمل مثقال ذرة خيرا يره ومن عمل مثقال ذرة شرا يره” وببساطة علينا ان نختار افكارنا لتكون خيره وايجابية لأنها ستتحول الى اقوال ومن ثم افعال وستحدد مصيرنا في هذه الحياة، وعلينا ان نتحمل فيما بعد نتاج هذه الافكار والاقوال والافعال والنوايا ايضا.

10-توجهين الناس وتعالجينهم بالريكي فهل بالفعل استطعت تغيير حياة ناس واخذت بيدهم نحو طريق الامان والرقي؟

الناس هم من يقومون بتغيير حياتهم بإرادتهم، لا يمكن لأحد أن يغير حياة أحد الا برغبته وقناعته بدوره في تغيرها، دورنا في عملية التدريب عبر الدورات او جلسات العلاج هي مساهمة بسيطة من اجل المساعدة المبدئية فقط.

11-يتردد كثير من الناس في مسألة دراسة الريكي والخضوع لجلسات علاجية، فهل حقا يمانع الدين من ممارسة الريكي؟

الريكي علم من علوم الاستشفاء الذاتي، ولا يتعارض مع الاديان بل يؤكد على كل القيم التي نادت بها الاديان والشرائع، من خلال تأكيده على اهمية العمل الصالح ومراقبة العقل والمشاعر والابتعاد عن كل الطاقات السلبية التي تكدر الجسد وتسبب الامراض المختلفة.

12-هل الريكي منتشر في الكثير من دول العالم أم أن بعض الدول تحظر اللجوء إليه؟

– العلاج بالريكي منتشر في أغلب دول العالم، ولقد لعب دوراً كبيراً في اليابان أبان الحرب العالمية الثانية لعلاج ضحايا قنبلة هيروشيما، ولقد بدأت العديد من المستشفيات الأمريكية والأوروبية أدخال العلاج بالريكي لفاعلية هذا الاستشفاء من الأمراض مثل النظام الوطني للخدمات الصحية في بريطانيا:

National Health Service NHS

وكذلك (Medicare) وهي شركة تأمين حكومية في الولايات المتحدة الأمريكية تدفع تأمين صحي لعلاج الريكي للمواطنين، يكفينا إلقاء نظرة على علاج الريكي عبر الأنترنت لنتأكد من مدى الحجم الفعلي لتداول الريكي في المنظمات الصحية الحكومية والخاصة في العالم، ولم أسمع عن أي دولة حظرت تداول علاج الريكي.

وفي دول الخليج هناك مراكز لتدريب وعلاج الريقي، ثمة أقبال كبير على العلاج بالريكي وعلى التعلم أيضاً، وذلك للنتائج الصحية التي تحقق منها المرضى بشكل عملي من خلال جلسات العلاج، كما أن هناك القانون الخاص بالعلاجات البديلة/الطب التكميلي الذي سيصدر قريباً، والذي سوف يسهم في تنظيم العلاج بالريكي وزيادة الوعي بأهميته، فالمرء عدو ما يجهل.

13- هل يساعدنا الريكي في التخلص من الطاقات السلبية الموجودة في الافكار والمشاعر والعادات الخاطئة؟

– أن استضافة القلب لطاقات سلبية كالحسد والحقد والغيرة تسهم في تدمير صحة الإنسان، وان “الإيجور Ego” الأنا هو مصدر العذاب للإنساني، الريقي يعمل على تنقية الإنسان والسمو به، عبر العودة به لطبيعته الأصلية. طبيعته المحبة للسلام.

كما اشارت الى ان الريكي يعيد تنظيم عاداتنا الني تشوهت بفعل الحياة الاستهلاكية، منها العادات الغذائية، كلما كان الأكل نقيا ونظيفا كلما أعطانا طاقة إيجابية. علينا أن نأخذ كفايتنا من الأكل وليس كما يحصل اليوم، عندما أصبح الأكل لأجل التسلية والمتعة.

كان آبائنا وأجدانا يأكلون أكلا نقيا، ونظيفا، لم يعرفوا جشع التخزين والتجميد للأغذية، واستهلاك المعلبات، وأكل تلك السموم المتمثلة بالمواد الصبغية والكيماوية والغازية، فكانوا يشترون الغذاء الطازج من السوق ويطبخونها بأنفسهم في المنزل.

أن تدمير القيم الاستهلاكية لم تقف عن حد الشراهة في الأكل والتبضع بل طالت مشاعرنا، فتحول الحب الغير مشروط الى حب مصالح وتملك وتحكم بالآخر، مما ادى الى انتشار المشاعر السلبية كالغيرة وعدم الثقة والخوف والقلق والتوتر العاطفي الدائم، المسببات الاساسية لتخريب العائلة وتدمير الاسرة، وأصبح الزوج يريد ان يتحكم في زوجته، والزوجة تريد ان تراقب زوجها كل الوقت وتتحكم به، لأن مشاعر الغضب، والحسد، والغيرة موجودة بينهما، حياتنا بعيدة عن التوكل على الله خالية من الرضا، حل محلها طاقة القلق. القلق على كل شيء، نخاف كثيرا من المستقبل، ولا ننسى الماضي، وغير قادرين على التسامح، نفسد نعمة الحاضر ولا نستمتع بها فلا نستمتع بما وهبنا الله في لحظتنا الحالية. غير قادرين على الغفران والعفو عن الأشخاص اللذين أساءت لنا في الماضي، وغير قادرين على التخلص من الشعور بالذنب على أخطاء ارتكبناها في الماضي.

الريكي يركز ويؤكد على عيش اللحظة الحالية، التي لا نملك غيرها، فلا الماضي سيعود، ولا نملك المستقبل. للأسف أن الإنسان لا يدرك هذه النعمة الكبيرة التي انعم الله بها عليه. ومن هنا ترى أمامك أناسا كثر لا يعرفون طعم السعادة تجدهم دائما قلقين مهمومين، على أشياء لا يستطيعون إزائها فعل شيء أو تغيرها.

 

الحقيقة بمفهومها الأزلي النوراني

جريدة كل العرب

1-الشَّاعرة فوزية السندي في قصائدكِ الأخيرة ثمَّة انزياحٌ نحو التصوّف، ألا يزال التصوّف موجوداً في المشهد الشعري الراهن؟

– التصوف بمفهوم التجربة الروحية الفاعلة نحو السمو، والذاهبة لاستعادة النقاوة البدئية نحو الكون عبر الحفر المتفرد والاشتغال الفني غير المسبوق، لم تغب يوماً عن البشرية في سعيها نحو معرفة الذات واكتشاف العالم، التصوف المستعاد في راهننا الشعري يعمل للأسف على تكرار المفردات المستخدمة في التجارب الشعرية الصوفية الرائدة، إعادة ذات الجملة الشعرية بذات التصاوير، بحيث نشعر من خلالها بمدى السطحية والتماوه الجاف، الخال من طاقة السعي الحثيث نحو التحرر والتنقي والتبلر الشفيف، ذلك يتحقق لغياب التجربة الروحية الحقيقة بمآلاتها الراهنة وتحدياتها المختلفة بفعل التمايز الزماني والمكاني وبالتالي الرؤية الوجودية والأسئلة الفلسفية.

ثمة التماعات بدأت في تجربتي الشعرية تنحى نحو تخليق علاقة بالمفردة الشعرية تشف عن تجربة روحانية، اسعى لتكثيف حضورها الجلي، لكونها تسعف روحي كثيراً، تسندها وتساعدني على كشف ومعرفة ذاتي، القرب مني، تسريح الأذى، العديد من المحتملات تراودني اثناء غمر الكتابة، كلها عتبات نيرة للوصول الى حيث لا أدري، ولكن الى مكان آخر سوف يرشدني الى نبل الأمل، نحو الكثير من النور والمحبة والحكمة.

اتصالي بتجربة الريكي” العلاج بالطاقة” واعتكافي على دراسة هذا العلم حتى درجة الماستر(المعلم)، ومن ثم ممارسة المعالجة وتنظيم دورات متخصصة للتدريب أسهم في قربي من مكتشفات التجارب الروحية، وآلياتها المتعلقة بالبحث الدؤوب عن الحقيقة بمفهومها الأزلي النوراني.

2- هناك عبارة ل نيتشه تقول (لقد اخترع الألمان البارود ولهم كل التقدير، لكنهم ضيَّعوا أنفسهم إذ اخترعوا الصحافة)، الشاعرة فوزية السندي برأيكِ إلى أي درجة خدمت الصحافة الشعر والشعراء؟

– تشكل الصحافة أحد الملامح المهمة لتنوير الحركة الثقافية، وهي تتفاوت في مدى تقديرها للأدب والابداع، من الصعب التعميم، ثمت صحف لديها ملاحق ثقافية رصينة في متابعتها للمشهد الثقافي، وفي سرد ورؤاها النقدية تجاه التجارب الجديدة حتى على المستوى الانطباعي، وثمت صحافة استهلاكية تسعى للترويج والاثارة التي لا علاقة لها بالحياة الثقافية، اما فيما يتعلق بخدمتها للشعر، فالسعي متفاوت حسب اجتهاد الصحيفة، مع ندرة الجدية في تلك المتابعة، هذا لطغيان الحياة الاستهلاكية التي اضحت تطحن برحاها كل شيء.

مع ثقتي بكون الشعر الحقيقي المحمول بطاقة تعبيرية صادقة ومعبرة عن ذات تسعى للكشف كفيل بذاته، النص الحر قادر على التواصل والآخر عبر ورق الروح لا ورق الصحف.

3- هناك نصوصٌ تُكْتَب تحت تسمية ( نص حديث ) , برأيك كيف يمكن فرز نَص ما بأنَّهُ حديث ؟ وكيف تنظرين إلى التصنيفات في الشعر ؟

– لا أميل لكل التصنيفات أمام الشعر بالذات، أراها عوائق وأوهام لتضيع الوقت والطاقة في هدر المهاترات حول فن رهيف لا يستحق كل هذا العنف، منذ بدء الخليقة اتقدت نحوتات معبرة على الكهوف وأخري ليست بذي شأن، لتمايز الطاقة الإنسانية التي كانت تنحت روحها على جدران الكهوف، تغير الجدار الى جلود ومن ثم إلى ورق، وذات اليد برعدتها الأبدية استمرت في البحث عن لغة تحتمل القدرة على تفسير غوامضها، كشف سواترها، مداولة معاناتها في هذه الحياة، تمثل منجى الخلاص في الكتابة وحدها.. كونها الوميض الخالد.. النور الخفي آخر النفق.

السؤال الأهم: هل ما نقرأ شعر أو لا شعر، حديث أو قديم لا يهم، المهم أن يعترينا نبض النص ونحن نقرأ.. لنصاب برعدة المعنى التي لا مرد لها.

التسميات والمصطلحات ليست سوى حواجز رديئة لتصويب الهدف نحو الهاوية، لذا لا أصغ لها، وأنا أكتب بهدوء النبض وهو يهدهد القلب.

4- أن تُتُرجَم قصائد الشاعر إلى لغةٍ مغايرة، (الشاعرة فوزية السندي، قصائدكِ تُرْجِمَت إلى لغاتٍ مختلفة)، ماذا يعني للشاعر ترجمة قصائده؟

– الترجمة تعني التواصل مع قارئ آخر يجد صعوبة في فهم معنى الكلمات المكتوبة بلغتي، لست خاضعة لوهم الانتشار أو العالمية كما يصفون دور الترجمة، أو كونها تشكل أولى العتبات لسلالم المجد المزعوم المنشى بالنياشين والجوائز وضجيج المنصات.

الترجمة جهد ابداعي نبيل يسعدني عندما يحدث لكتابتي.

5- يُعَد كل ديوان صادر للشاعر نهايةَ تجربة وبداية لتجربة أُخرى، الشاعرة فوزية السندي بعد إصداراتٍ شعريَّة عديدة كيف تنظرُ الى تجربتها؟

– أنظر الى الورقة البيضاء لأكتب، لأحيا.

6- قديماً كان الشعر يملك قيمة كبيرة، في الرَّاهن برأيكِ إلى أين وصل الشعر والشعراء؟

– من الصعب إطلاق توصيفات جاهزة حول راهنية التجارب الشعرية، لكل تجربة شعرية تألقها المتصف بمقوماتها الفنية، وفرادة طاقتها التعبيرية، ولكل زمان مواصفات تتعلق بطبيعة تجربته الثقافية والفنية، لذا لا يتوجب علينا عقد مقارنات حولها، قيمة الشعر التي كان يمتلكها قديماً تخضع لكونه إعلام القبيلة، تطور لاحقاً الى بوق الحزب أحيانا، أو ناي الروح، صوت النص المتفرد بذاته، الى أين وصل الشعراء لا أعرف، لكنا لا نزال نقرأ الشعر بمتعة لا توصف.. الشعر وحده.

7- الشاعر، أشَدُّ البشرِ غربةً، الشاعرة فوزية السندي كيف تَتَغلَّبُ على غربتها؟

– للغربة مذاق أليم ناتج عن مختبرات البحث التي يشيدها الشاعر كل ليلة أمام بياض الورق، محن ممسوسة بطرائق البحث في مجاهيل النفس، رحى الروح، غياهب المستقبل، وجع مستبد يعتني بعلاجه الشعر، حين يتقصى ضرورته ويعمل على تجسير الهوة المتجددة نحو الفراغ، غربتي تتحدر من حقيقة اقصاء ذاتي عني، غموضها، نور الحبر وحده الجدير بإضاءة ضراوة النفق، حين يراني جالسة امام الطاولة، أتفقد ما أضعت بمعاونة نبض قلبي وبياض الورق، أحنو برفق على السطور، أخطو لأحتمل ما هنالك من تحديات، لا يعنيني الوصول بقدر تقدير هول المسافة، كما كتبت ذات شعر:

كحصاة في منتصف الطريق

لا أصل،

ولا شأن لي بالعودة

لأصل.

8- الشاعرة فوزية السندي هل من الممكن وضع تعريف ولو بسيط للشعر؟

– في كتابي “ملاذ الروح” ثمت نص يتعلق بتعريف الشعر أسميته:” فيما أحسه أو أحسبه الشعر” وهذا مقطع منه:

“حمى،

بلاغ غامض تهويدة تغتال ذاكرة مشحونة أكثر مما ينبغي،إنزياح كلي عن غفلة الجسد، ترويح للحواس، مجاهدة للنفس، طاقة للخوف، نهي مبجل عن أي شيء آخر، خجل يزعم القدرة على علة الجسد، خبث عميق، صلة بتاريخ يتحدى المجد، أنين، مجاهرة سرية لأقصى سر، تعر باهض على النفس، طريقة لتعريف الجسد وتعريضه في آن، فروغ الروح، حالة تختبر ما يختل من موازيين العقل، حلول نوراني يبعث للأصابع دهشتها الأخرى، عار على القبيلة، كالهواء حر لا مرد له، مارق إلى أبعد صعلوك، أمومة الموت، صبر الثواكل كل يوم يأتي دونه، بأس اليتامى كلما مضى لساحة النشر، غرغرة القتل كلما استجاب العقل لناب النقد، كيد اليد، عزوف الأوصياء، نفضة الورق أمام اندفاع القلم، جسر بين الكون وجسد الأخرس، كل شيء، معنى اللامعنى، فتوة اللغة، فتك الصريح، كسوة المجهول، الخالب أناي، ما لا أنساه، ما يمحو وجهي كل مرآة، غفير الغرفة، مشتهي الطاولة وهي تتبرأ من ذاكرة الشجرة، عاتي الحبر كلما أجاز له الجفن بحر الدمع، شريك الرجفة كلما هدني الهلع وحدي، مزيج من عناق المذهل وخيبة التردي، القلق الآسر، ما يحدث وأنا أستبقي الوقت ليقف قليلاً، ما لا يحدث أحياناً، راعي جثتي آن الغسل والماء يبكي، حامل النعش المصاب بي، خليلي في خلوة القبر، نفوذ اللامرئي وحصول المعارف، دفعة القدر، نمرة المخيلة، النابذ جسدي حين أسهو عنه، الناده مبتغاي حين أعزف عني، الصاغي لعذابات تكتشف صدوعي، الجهل كله، جللي، من لا أخاف الموت إلا لفقده، رضعة بلا غدر،توأم الأم، من يوقظني كل الوقت، جن يسحن الروح كلما جار الجسد، لثغة الهواء الصعب، قهر الورق، ناهب الصحاف، رائي الكهوف، أزميل النبوءة، نحت المزار، محك الحجر، وصيف الكبرياء، نجل النهايات العاق، النبيل غاية الرفعة،

هديل العمر

تورية الموت

لم أنته بعد…”

 

الحرية نهل معرفي عميق

الكاتب: مهدي سلمان

جريدة الأيام البحرينية

  • كيف تنظرين إلى صورة المرأة التي يرسمها الشعر العربي الحديث في المرحلة الأخيرة منه، وخصوصاً في فترات التسعينات وما بعدها، وهل الصورة التي يرسمها هذا الشعر للمرأة تتلخص في الجسد وحسب (في المجمل)، ثم هل استطاع الشاعر الرجل في هذه الفترة أن يقرأ المرأة بشكل مختلف ومغاير عن هذه الصورة (الشبقية)؟

الشعر لا يصف المرأة أو الرجل كجسد فحسب، ما يمعن في هذا التوصيف الضيق هو النظم، والاستسهال في رصف الكلمات، وليس الشعر.. حيث تتعالى الرؤية الشعرية وتتعمق الدلالات بعيداً عن هامشية التموضع الدلالي لمفهوم الجسد، أحياناً نصغي لكلمات تتلى من على المنصة لا علاقة لها بالشعر، ولكن بالهتاف الذي يستحق تصفيق الأكف لما يحتويه من إثارة تستهدف هذا الحضور.

طيلة تاريخ الشعر كانت هناك كتابة تصف المرأة كجسد، وكانت هناك رؤى شعرية مغايره تراها كحياة متناهية الأبعاد الروحية، المسألة لا ترتبط بفترات زمنية أو بجنس من يكتب، ثمة شاعرات يجسدن العلاقة مع الرجل بذات الرؤية الأحادية الأبعاد، أمام النص على النظر النقدي أن يتصل بهذا الانبعاث المحمول بمحنة الروح، المتصف بالمعرفة الإنسانية، حيث تجلياته تتعمق في النص الشعري، كفعل يعمل على تنضيد طاقة حروف تشتبك في سياق كلمات تتعاضد من أجل تشكيل صورة شعرية تعمل على تصدير المعنى والإحساس والطاقة التعبيرية لذات الشاعرة نحو الكون.

للشعر حرية لا تطال، لهم الحق في تصوير الآخر كما يبتغون، ولنا حرية وذائقيه لا تستحق الخدوش.

  • هل ساهم البحث عن (الحرية) في الشعر، في تسطيح النظر للمرأة بالنسبة للشاعر، فصارت الحرية بالنسبة للشاعر هو كيف يفصل أكثر في جسد المرأة دون أن يتجه بشكل أعمق إلى أبعاد أخرى من ذاتها؟

البحث عن الحرية لا يتصل بفعل تسطيح النظر للمرأة، إن تسطيح النظر للمرأة –إن وجد في النص الشعري- فهو حال فكري يتصف به من يكتب، الحرية نهل معرفي عميق، سبر ذو حساسية محفوفة بالتأني اللائق حين مقاربة النفاذ نحو محبة الآخر، الكتابة عن الجسد ليست في مهب التابو، ولا في إذلاله بتسطيح الحديث عنه، تعريف الحب مهمة نبيلة لا توسم بتسطيح الآخر، ثمة بوح معني بتشفيف الحال الشعري، لمعان البصيرة، حكمة لابد أن تستعر ونحن نقلب محن القلب وندون الخفي منها، الآخر هو الأنا.. ولم يعد الجحيم كما توهمنا مع رامبو ذات شعر.

  • هل ساهمت المرأة الشاعرة (في هذه الفترة) في تعميق هذه الصورة إن وجدت بحسب رأيك، ولماذا تشارك المرأة الشاعرة في الدخول إلى هذا النسق؟

بالرغم من حدوث هذه الظاهرة، إلا أن التعميم يضر ما يتم مداولته في المشهد الشعري، المرأة الشاعرة تمثل عدة رؤى شعرية، تعتمد طرائق تعبيرية تنسجم مع مدى وعيها لعمق تحدياتها مع الحياة، جل ما يحدث الآن هو خطورة الانسياق نحو ما يتم تعميمه من أوهام، فهم التجديد بكونه إغراق النص في تناول التفاصيل أو اليومي بحيث يثقل النص ببرد السرد، التركيز على المنظور الحسي والجسدي تحت راية الجرأة في تفجير أنوثة النص، وما شابه ذلك من تنظيرات ترويجية تهدف إلى  تسليع النص الشعري والروائي أيضاً في زي مثير، ومطلوب في سوق النقد الأدبي والمالي، ولدى دور النشر.

لا حد لشراهة الحياة الاستهلاكية، ومنصات ما يسمى شعراً أحد أسواقها اللاهية. ما يحدث الآن هو الانسياق نحو تلبية هذه الاشتراطات التسليعية للتجربة الإنسانية، المتزامنة مع رواج النفاق النقدي والمديح الفج، ولا يخفى مدى خطورة الاستسهال الحادث في النشر، ثمة سباق نحو تضخم الذات وإثقال السير الذاتية بأسماء الكتب لا بكتابة الشعر، وهذا هو النحر لنهضة النص.

الأدب النسوي بين واقع وجوده ووهم رفضه

جريدة الوطن- البحرين

سوسن دهنيم

– ما هو رأيك في تصنيف الأدب على أساس الجنس بين ذكوري ونسوي؟

في البدء أود التحفظ على عنوان الحوار (الأدب النسوي بين واقع وجوده!! ووهم رفضه!!) لكونه يمثل تدخلاً مباشراً في صياغة رؤية غير محايدة، من حيث تأكيده على واقع وجود” الأدب النسائي” الذي أشك فيه، وكذلك يشير إلى وهم رفضه الذي أختلف مع كونه وهماً.

إن حلول التصانيف والمصطلحات غير النقدية، بل المتعسفة في شأن مقاربتها للأبداع الإنساني، يضعف التجربة الأدبية، منها ” الأدب النسائي” الذي تم استثماره بشكل غير حضاري، لا فكاك لنا من تداعيه نحونا، أراه تعبيراً مضللاً، يعمل على تكريس منظومة قيمية تحفل بالتمييز الجنساني بين المرأة والرجل حسب النوع الاجتماعي (الجندر)، الذي تقاوم تداعياته كل المنظمات الدولية وهيئات حقوق الانسان، مما يشكل فضيحة كبرى عندما يرتبط بالتجربة الابداعية ذات الرسالة الإنسانية في تعميق الرؤية الجمالية والروحية المندغمة في أفق المستقبل.

لم على تجربة المرأة الأدبية وحدها، طيلة تاريخها القامع، أن تتزيا بهذا التصنيف الفاشي؟ لماذا لا نحتكم للنص وحده، وننسى قليلاً جسد من يكتب، ليس بين الجسد المذكر أوالمؤنث، لكن بين كل كائن وآخر، التجربة الأدبية تتمايز بالفرادة وحدها بين البشر كلهم، ضمن منظورها وفعلها الحسي والجمالي.

يكفينا كنساء ما نتعرض له كل هذه الحياة، من فحولة وقت طاغ، مدمر بقوانيه وجوره، الكتابة شرفتنا الوحيدة الأنيقة بأرواحنا، حتى هذه يريدون تهميشها عبر “تخصيصها ” ليظلوا في مأمن منها، وليتفاخروا بأمجاد نرجسية خائبة، لماذا عليهم أن يكسروا كتابة المرأة التي ما زالت تتناهض بصعوبة بالغة؟

للأسف، أقولها بثقة تامة: لا أحد.. يحتكم للنص وحده، لا أحد.

– هل ترين من المبالغة إطلاق هذا المصطلح على بعض الكتابات أم هي ضرورة لأنه أدب يعبر عن المرأة فسيولوجيا وسيكولوجيا؟

الأدب يعبرعن تجربة الذات الانسانية، ليست المرأة وحدها من تصدر عن مغايرة فسيولوجية أو سيكولوجيه، بل كل من يكتب، وإذا كان هذا يشكل مبرراً، فلماذا لا نسمي كتابة الرجل بأدب رجالي؟ لا أرى في إطلاق هذا التصنيف مبالغة ما، بل عاراً على من يطلقه ويسعى لتكريسه.

تقول” هيلين سيكسوس”:” أدعو إلى تأكيد الاختلافات بين الجنسين وتحريضها ليحصل التقابل والتكامل، لكن بعض مبدعات “الأدب النسوي” يحولن النساء إلى أسطورة وهذا الجنوح نحو الأسطرة يحولها من كائن متكامل مع كائن يوازيه إلى مجرد (خرافة) عائمة.

– هل ترين في إطلاق هذه التسمية على هذا الأدب، اجحافا وانقاصا من شأن هذه الكتابات؟

المسألة تتعدى ذلك بكثير، كما أشرت سابقاً، لكونها ترسخ لمدلول قيمي متهالك الى أبعد حد، كل التنظيرات التي انساقت لتفسير هذا المصطلح المهين، اعتمدت في دفوعاتها على صدور كتابة المرأة من حساسية ذات انثوية متميزة، لها ملامحها الخاصة التي تعتني بتفاصيل حياتها، وعلاقتها بالآخر بحكم تهميشها في المجتمع. كلها تهويمات لا تسند المصطلح اطلاقاً، كل نص أدبي، حتماً يتخلق من أتون ذات شعرية متفردة، محمولة بكل تمحوراتها حول تجربة الجسد المعترك مع الحياة، لذا لكل نص سمات تفصله عن النص الآخر، حتى للكاتبة نفسها، كل نص يحيا بشكل مستقل عن الآخر، المسألة أكثر تعقيداً من تسطيحها هكذا لا يمكن اشراك النساء كلهن ضمن سمات متفق عليها تؤثث النص الادبي، ولا الرجال أيضا، أحياناً نقرأ تجربة مرهفة في مخيالها الحلمي بأنثوية ماهرة لدى كاتب ما، أبهى بما لا يطاق، من حلول منظور ذكوري وتسلطي لدى كاتبة ما.

من تداعيات هذا المصطلح المشينة، انه خرب العديد من التجارب الأدبية، أغرى العديد من الشاعرات لتوظيف مفتعل لمفردات الأنوثة – أشير هنا لأهمية الجرأة والمكاشفة لكن ضمن التجربة الشعرية الحميمية وليست التسويقية – مما أدى إلى تسليع النص الشعري بشكل استهلاكي فج، حضور الإغواء المرتبط بمغريات الشهرة، وأسهم النقاد ودور النشر في تعميق هذه الظاهرة، ذلك للنهل من برامج تسويقية مربحة، لا علاقة لها بالأدب.

في الآونة الأخيرة، بدأنا نشهد مرافقة صور مثيرة للكاتبة مع النص المنشور، تحقق هذا الترويج حتى على المنصة في المهرجانات والأمسيات، حيث تغيب فتنة النص وتتبدى مراوغات الجسد، هذه التهالكات يروج لها أدبياً للأسف، بعدما تحققت على صعيد الفن بشتى صورها المزرية.

وحده “رولان بارت ” يدعو إلى لغة “مزيج من الذكورة والأنوثة” وهو معروف بموقفه المميز من المرأة التي يقول عنها أنها المعمل الثقافي، ويعلن أن الموقف من المرأة هو موقف من الحضارة، يقول بارت:

“عندما تكون المرأة تحت الصفر- لا مجال إطلاقاً للحديث عن أمة بل ينبغي لفت الانتباه بقوة إلى مأساة يواجهها قطيع بشري”.

الهجمة الاستهلاكية الراهنة ستنال من كل شيء يتردم ببطء قاتل، مالم نتصدى لما يحدث، ما لم نقل ما له أن يقال.

 

اشكاليات الشعر في الوطن العربي

اكاتبة: شادية ترك

جريدة الأيام البحرينية

يعتبر الشعر من أهم الروافد التي تصب في بوتقة الثقافة وبحورها، ومن هنا ومن منطلق أهمية الشعر، وانطلاقاً من محطات نعتقد بأنها تثير اللبس والاستفهام حولها كإشكاليات ملحة تعكر صفو وفكر المهتمين والمعنيين بشئون الثقافة والأدب في الساحة الثقافية العربية، ولا نستبعد منهم أصحاب الشأن هم الشعراء الذين كانوا أحق من يكون في الإجابة على ما نعتبره سؤالاً حول إذا ما كان الشعر في ظل علامات الاستفهام الكثيرة التي تقبع في عمق الثقافة العربية يمثل سؤالاً فنحن لا نقدم أسئلتنا من منطلق وهم الشمولية ولا نهاية الاشكالية، ولا نعلن بداية ما أشرف على النهاية، ولكنا رمنا الابحار مع نواخذة البحر في عشقهم الأبدي.

وحول اشكالية الشعر في الوطن العربي، كان لنا هذا الحوار مع مجموعة متميزة من شعراء البحرين.

حوار مع الشاعرة “فوزية السندي”:

1- بالأمس كان للشعر مكانته وللشاعر وزنه، الآن لم تعد ولادة شاعر تعني شيئاً وأصبح الشعر تجربة جمالية دلالية مغايرة، لا تجذب إلى جذوتها سوى المهتمين بالشعر والمنشغلين بسياقاته من نقاد وشعراء وأدباء.. فكيف لنا أن نقيم الوضع الحالي للشعراء في الوطن العربي، وما هي مبررات اختيالهم من قلب الثقافة العربية؟

– ان للتطور الحياتي الشامل دوراً في إحداث المتغيرات على كل مستويات الابداع، وأن (الخلل) الذي تتحدثين عنه لا يقع على الشاعر الذي لا تعني ولادته الابداعية شيئاً لوطنه العربي.

نحن في عام 2001- فيما كانت القبائل العربية قبل قرون تحتفي وتتباهى بصوته لكونه من سوف يخلد صيتها وتاريخها كله، هل نلوم الشاعر-الآن- الذي حقق تجربة شعرية جمالية ذات أبعاد دلالية مغايرة، بعدم استجابة أحد لجذوتها، سوى القلة من المشتغلين في الأدب؟

ولماذا منذ الخمسينيات حتى أواخر الثمانينيات كانت تجربة هذا الشاعر العربي ذاته تتواصل مع الناس الذين كانوا منشغلين بالمعرفة والثقافة ضمن مشاريع النهضة العربية وآفاقها التحررية، أما الآن بعد أن تم إغراق الشعوب برحى الاستهلاك، وتم تعميم الرطانة، عامية اللهجة، استبداد سياسات التجهيل، من الصعب أن يكترث أحد بالأبداع بكل تنويعاته التعبيرية، وليس بالشعر وحده، بالذات لكون هذه “الأمة العربية” التي نراها الآن تتحدر إلى منتهى الذل والمهانة. لم يعد الابداع ينتظر منها أن تحتفي به، بل أن تخسره، لكون الألم تعداه، وطال كرامتها وتاريخها كله.

من الصعب عقد مقارنة بين مصاب الشاعر العربي الآن، ومصابه فيما مضى، مثلما لا نستطيع أن نتعامل مع هذا المعيار لتحقيق رصد تاريخي لمواضيع الاشكالات الفنية والتعبيرية الأخرى.

إلا انه بالرغم من قسوة الحاضر الثقافي وتداعياته، إلا أن الشاعر العربي استطاع مواكبة طبيعة قلقه الوجودي، وغموض حيرته الكونية التي تبدت له، بل حاول جاهداً من خلال نصه أن يبتدع أسئلته الحاصلة مما يعتري جوانحه، لنشهد تجليات ابداعية في الحركة الشعرية العربية استطاعت بمكتشفاتها الفنية أن تؤثر بعمق في الحركة الشعرية العربية والعالمية.

لقد اختلفت المعايير والموازين التي كانت تقيس المدى الابداعي للمنتج الفني، بحيث لم نعد نعتمد على “جماهيرية” التجأت لمهب الاستهلاك، ولا على حفاوة “نقدية” عاجزة عن التحقق بما يذهل منجز الشعر الراهن، ما حدث هو ان الشاعر احتمى بشفافية روحه الشعرية، بتواصل نصه والآخر من خلال جرأة النص ذاته.

2- هناك اشكالية باتت تفرض نفسها وهي ذلك الخلط أو اللبس في إطلاق مسمى “القصيدة النثرية” على الشعر العمودي الحر، فهل هناك بالفعل ما يسمى “بقصيدة النثر”، وهل يمكن أن يحتفظ لونان من الأدب بخصائصهما الأدبية في حال تلقح بعضهم من الآخر؟

لقد شكل مصطلح “قصيد النثر” بمدى الالتباس الاشكالي، والتوصيف النقدي الذي ينوء به، شكل أرباكا واضحاً، أبان نهوض تجربة شعرية عربية جديدة بمنجزاتها النصية، تم انجازها من خلالها حساسية مختلفة، وحالات حوارية شعرية مهمة، هذه المسافة بين التجارب الوزنية بشكلها المقنن وبين تصاعد ايقاعية متمايزة عنها، عبرت عنها تجربة شعرية أكثر تشبثاً بمدى حرية النص، هذه المسافة كانت مهمة للغاية، وقيد التفلت على الاقل لمغادرة الاشتراطات الوزنية نحو حرية ايقاعات بصرية وحروفية وجمالية تسعف الشعرية العربية،وتدفعها للاكتناز بمخزون الطاقة التعبيرية المذهلة للغة العربية.

لقد تعودت منابر الثقافة العربية دوماً أن تنشغل وتشغلنا بعبء هذا المصطلح بشكل شكلي لا عمقي، اشتغال لا يقترب بشكل نقدي تجاه ما تحقق من ابداع، هذا لنصطدم على الدوام بحوارت شكليه، ساقها لنا النقد الصحفي، وليس الثقافي، منساقة أحياناً ضد الابداع، لئلا تنشغل بما يقدمه لنا النص الشعري من ابداع انساني شديد الفرادة، هكذا يتم طمس النص، ومزاولة فعل الاحتراب نحو المصطلح، عبر محاورة معايير صماء.

3- يرى الكاتب العراقي” محمد صابر عيد” أن الحداثة الشعرية الآن ماهي إلا حداثة شكلية في الايقاع والوزن، وليست حداثة حقيقة في المضمون، فماذا يعني التجديد في الشعر العربي الحديث؟

ان الحداثة الشعرية التي يراها الكاتب “محمد صابر عيد” شكليه في الايقاع والوزن، وليست حداثة حقيقة في المضمون، ما هو إلا اجتهاد نظري صرف، يعبر عنه ويختص به، بالرغم مما يمثله هذا الاطلاق النقدي من دليل مؤسف على حجم التعمية والتضليل التي يحلو للاجتهادات النقدية العربية أن تطلقها بعمومية غير مسؤولة اطلاقاً.

اذ اننا عندما نتحدث عن الحداثة الشعرية العربية فنحن لا نجنح نحو رصد كل هذه الفوضى الراهنة المسماة شعراً أيضاً، والتي تنهال بمجانية تامة بفعل التساهل الخطير في صحافتنا الثقافية، ودور النشر، لكننا عندما نتداول مفهوم الحداثة الشعرية فنحن نقف أمام أعمق التجارب الملهمة للخلق الفني، ولتأصيل الرؤيا الابداعية المغايرة، نحاور ندرة من المواهب الشعرية العربية التي استطاعت أن تدوي بحداثتها الابداعية، بفرادة وتألق لتشهد لها مرتكزات الابداع في عواصم العالم لا في عالمنا العربي وحده، للأسف، هكذا نسرف في التسويف بمنجزنا الابداعي الوحيد أمام العالم كله، وكيف لنا أن نصف تجارب أهم الشعراء العرب بحداثة شكلية في الايقاع و الوزن وليست حداثة حقيقية في المضمون.؟

4- في ظل التغيرات ومستجدات العصر الراهن، وفي ظل مآسي وجروح الجسد العربي، ما هو الدور وماهي الرسالة التي يجب أن يضطلع بها الشاعر في الوطن العربي؟

– عندما نتفق على كون الابداع رؤيا إنسانية بشمولية لاتحد، فنحن نستثير مدى تأثير هذه الرؤية، ومدى انشغالها بملمات الحياة، التجربة الشعرية تبدأ من الجسد حتى آخر الهواء، رسالة النص الشعري لا يستهان بها بالذات لحصولها على طاقة تعبيرية خطيرة تتمثل بقدرتها على اختراق جسد وروح الآخر، التأثير عليه عبر محاورته، استثارة صمته، الشاعر فيما يكتب النص، هو يحيا أيضاً في وطن يدغمه في محنته، ليكتب عليه أن يحيا مثل لنصه المثخن بطاقه هائلة على التغيير، لصوته أيضاً كمثقف قدرة على المحاورة، إيصال دفوعاته عن قضاياه، مكتسباته وحقوقه الإنسانية، المسألة كما أراها متكاملة ومتداخلة لأبعد حد، آن لنا أن نغادر المفاهيم التي روجت لها الرؤى المجدبة عندما راهنت على تحييد الشاعر عن مشاغل وطنه، عن نبض حياته، عن نهضة صوته، عبر اغراءه بهذا العزل والتحييد كشرط لاكتمال تجربته، للموهبة عزلتها البهية، محترفها المترف، الوحيد المحصن بها، بعيداً عن الآخرين حين الكتابة، لكن للشاعر كمثقف قدرته النقدية الملغومة بطاقة الرفض والمغايرة الأزلية التي يتحلى بها لإحداث ما يراه من تأثير بالغ في حركة الثقافة.

 

أزمة الشعر العربي

جريدة الخليج

الإمارات العربية المتحدة

1-أزمة الشعر العربي، هل هي أزمة نقدية ثقافية أم أزمة جمهور؟

– بعيدا عن تداول تعبير “أزمة” الذي لا أحبذ استخدامه، أرى بأن الإبداع على مر العصور كان ولم يزل يشكل خط الدفاع الأول عن حرية الكائنات، لذا صار يفتش عن حرياته المتمثلة في النص الإبداعي ويعمل على تكثيف طاقة المواجهة التعبيرية والفنية لديه ضد كل مصادرة يتعرض لها الإنسان بشكل عام، في تجربة الإبداع العربي ماضيه وراهنه، لا توجد إشكاليات تتعلق بتفرده أو بحضوره كمنجز فني، ولنا أن نسأل: بماذا تحتفي المؤسسات الثقافية الغربية من نتاجات العرب الإبداعية؟ هل تحتفي بالمنجزات العلمية أوالاكتشافات التقنية أوالفكرية والنقدية والفلسفية، تلك المؤسسات تستضيف وتترجم وتحاور الابداع العربي بما يشتمل عليه من شعر ورواية وتشكيل وموسيقى، وغيرها من الفنون التراثية والمعاصرة، لكونها المنجز الوحيد الذي أتقنه المبدعين العرب وهنا أشير للأبداع المتفرد والمتميز الذي استطاع أن يفرض فرادته على الآخر، أعود لمحاورة ظاهرات- مثل غياب النقد الذي اجزم بحصوله، وأيضا ندرة التلقي والتواصل مع التجارب الإبداعية، وغيرها من المصائب التي حققتها ثقافة الاستهلاك نحو الواقع الثقافي العربي المتأسس على جملة من الانهيارات القيمية والرؤيوية ضمن الصعد المختلفة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تجلت في سيادة الاستبداد بتلاوينه، سيطرة الثقافة الواحدية، انعدام حقوق الإنسان وحرية الإبداع والبحث العملي، غياب دولة المؤسسات والقانون وما يستتبعها من مكونات المجتمع المدني المتحضر المشتغل على لغة الخلق والإبداع والمحاورة مع الآخر، لتحقيق الشراكة في صناعة العالم، مما أدى لتخلق واقع استهلاكي شمل حياتنا بأكملها، ضمن اقتصاديات غير منتجة، إرادة سياسية تابعة، ضمن هذا المناخ لابد للإبداع المنشغل بدفاعاته وبتميزه الفرداني أن يجد أمامه صعوبات بالغة في عملية التواصل والآخر، هذا الذي تم إشغاله وإلهائه بالابتذال الاستهلاكي السلعي والثقافي عبر سياسات إعلامية قائمة على التجهيل المستمر.

2- هل أنت من أنصار القائلين بأن الشعر لا بد أن ينحصر داخل اهتمامات النخب والخاصة، بدلاً من كونه شأناً جماهيرياً؟

– أنا من أنصار الورقة والحبر والحروف، نصيرة عمياء للشعر وحده، وللآخرين حرية الانتصار لما يشاءون، أن يكون الشعر شأناً جماهيرياً أعتقد بأن هذا المفهوم الديماغوجي أتقنت تسويقه سنوات حمى الشعارات، عندما كان الشاعر يستند لترويج قصيدته النارية على سيادة الحزب أو قوة المؤسسة الأدبية، يحارب بشعارات لفظية غير معنية بالشعر، عندما كان الآخرين من الدعاة يسندون ضجيجه بالتصفيق وحماس الهتافات، حيث لا صوت يعلو على صوت المعركة التي رفعت راياتها المهترئة مبكراً، أما فيما يتعلق باهتمام النخب فهي مسألة متاحة لهم بحرية وتندغم ضمن ذائقيتهم الفنية،

أراني معنية بالكتابة وحدها.

3- ما هي أبرز أسباب وبواعث تأزم التداول الشعري بين الجمهور؟

– بالإضافة لما سبق أن نوهت إليه من تداعيات الاستهلاك الثقافي الذي دمر كل شيء، أسأل بدوري: هل هناك تداول جاد للكتاب الإبداعي العربي خارج كتب الطبخ والفضائح والأدلجة بتنويعاته العقائدية والفكرية، هل ثمة متابعة للمسرح أو للموسيقى أو للفن التشكيلي، مسألة التواصل بين الناس والعمل الفني لا تتعلق بالشعر وحده، المسألة مرتبطة بمجتمع قائم على ترويج ثقافة استهلاكية بلغت من الهشاشة والانهزام إلى حد تعالي اهتمام عارم لتسييد الجهل في كل وسائلنا الإعلامية ومؤسساتنا التعليمية، أمية لا تنحصر بمدلولها الثقافي بل المعجمي اللغوي، محو الهوية، وإلا كيف سوف تنجح المؤسسات الصناعية الغربية برساميلها الطاغية في إعادة تدوير عائدات النفط وتسترجع مدفوعاتها من هذه الشعوب أن لم تسيطر على رغباتهم الاستهلاكية وتديرها لإشعال حمى التسليع ولا شيء سواه؟

كيف تتقن ذلك الانتهاك لسيادتهم، أن لم تمحو فكرهم وإرادتهم، تاريخهم، أن لم تدمر ضميرهم الإبداعي؟، لذا يشكل إحلال الثقافة الاستهلاكية إحدى أهم المرتكزات لإلغاء ذاكرة الشعوب، تغييب “الجمهور” ضمن اهتمامات غير جادة وبعيدة عن تحدياته الإنسانية والحضارية.

4- هل ترين أننا نعيش في زمن الرواية حيث يطغى هذا الجنس الأدبي على حساب الشعر؟

– نحن نعيش في زمن الاحتلال العسكري المباشر للأرض وللشعب، سواء عن طريق غزو الجيوش الأمريكية أو عن طريق انتشار القواعد العسكرية أو ارتهان الشعوب والحكومات العربية للاشتراطات العدوانية، لا زمن الرواية ولا زمن الشعر، كل الأشكال التعبيرية تتجاور وتتحاور بحرية، بينهما يتقد التفرد والتميز الفني ولن تأتى الرواية على حساب الشعر، ولن يأتي الشعر على حساب الرواية، لكل منهما حقلاً متخصصاً متميزا وقراء ينعمون بذائقية فنية متفاوتة، لكن الاحتلال هو من يأتي على حساب حريتنا وكرامتنا واستقلالنا.

5-الأزمة التي يعاني منها الشعر، هل هي إيذان بموته؟

– للأسف الشديد، صحافتنا الثقافية لم تزل تعمل على تداول مفاهيم لا تمت للإبداع بصلة، ما أن تستثار هذه المفاهيم في صفحة ثقافية ما، حتى تستشري في بقية المنابر، كأنها عدوى تستفحل وعلى الشعراء العرب مكافحتها دوماً، أسال بدوري: كيف يموت الشعر العربي؟ الشعر الذي تم تدوينه منذ الجاهلية أو الشعر راهننا الذي يتصدى وحده، بمعنى آخركيف تموت الحياة؟

إذا اتفقنا على تماهي الإبداع بالحياة ذاتها وتحديداً الشعر، نصل لماهيته: الدفاع عن قيم الإنسانية والحرية والعدالة ووحدة الاختلاف، كماهية وصيرورة الحياة ذاتها، الحياة هذه المدافعة الشرسة، عن نقاوة الأرض وبراءتها، ضد ما يحدثه الشر الكامن في البشر من حروب وتدمير وقتل ودخان كل نهار، ما يحتضر ليس الشعر لكن هذه الحضارة العربية التي كانت.

 

الكلمة من أجل الإنسان

مجلة بانوراما – البحرين

1 ـ حين تكتب فوزية السندي قصيدتها. كيف يتسنى لها هذا الفيض من الكم اللغوي حتى تصل الى بؤرة الحالة الشعرية؟

عند الكتابة ثمة استعداد فطري يحرض المخيلة لتمد اليد بما تستهويه الروح من كلمات قادرة على تجسيد الحالة النفسية لتتخلل الصورة الشعرية بنشيج الخفايا، وتلعب القراءة – بمعنى محاذاة ابداع الآخر كتابة أو تعبيراً فنياً كتشكيل اللوحة أو هيام الموسيقى نعمة الاستغراق في تقصي الدلالات الإبداعية – دوراً في شحذ المخيلة ومدها بمعين لا ينضب من الصور الفنية والعلائق التأويلية لإثراء اللغة، وهذا ما أطمح لتحقيقه، لئلا أنساق لنمطية اللغة التعبيرية ومراودة ذات الكلمات.

كذلك تشكل الحياة شلالاً من الدفق التصويري يسعف المخيلة التي لا تنسى أن تخزن كل ما نتعرض له من ملمات لتتحول على الورق إلى كلمات تشكل طريقاً آخر أقل تعثراً وحياة أخيرة أكثر رحمة.

2- كيف ترين وضعية الثقافة عندنا، وهل لك تصوراً ما لمعالجة هذه الوضعية الثقافية؟

الحركة الثقافية معيار حضاري لحال الأمة ، فازدهار الفعل الثقافي يعكس طبيعة المجتمع الذي يقدر شأن الفعل الإبداعي و يحترم عطاء و حقوق مرتاديه ، حيث تتوالى الأنشطة الفنية ، المعارض التشكيلية ، العروض المسرحية و الموسيقية ، كذلك تقوى المؤسسات الأدبية و الفنية في تقديم أدوارها المتفاعلة مع الحراك الثقافي ، تنتشي حركة النشر و حرية التعبير ، ليصل صداها إلى الصحافة الثقافية التي تعبر عن الزخم المتمثل في الحياة الثقافية ، هذا ما نشهده عبر متابعة أصداء العواصم العربية و الغربية التي لا تفشل – كغيرها – امام تحد حضاري كهذا .

ولكن هنا وما وصلت إليه (حالة) الحركة الثقافية يعبر عما يتداعى منذ سنوات طويلة، كحصاد للتصدع العام، بالرغم من محاولات رفقة من المبدعين استطاعوا طيلة تلك السنوات أن يؤجلوا هذا التداعي على صعيد العمل المؤسساتي على الأقل، والأهم من هذا كله استمرارهم وفعل الكتابة الإبداعية، رغماً عن العنف المضاد تجاه تجاربهم التي تحظى بتقدير من الأوساط الثقافية في الخارج والتهديم المستمر من الداخل.

يبدو حال الثقافة وتدهور فعلها شأناً ينسجم وتصاعد الانفتاح، تبعية السوق لرأسمال عالمي لا يكف عن النهب، المد الاستهلاكي والأرت الماضوي وعموم التراخي تجاه كل جهد فكري، ذلك للانحياز العام تجاه التسالي وكرة الرأس لا القدم وحدها، بالإضافة لنبذ العقل وشغر فضاءه بالقنوات وحدها.

أمام حال كهذه صعب أن تطلب الصعب من طاقات إبداعية جل ما عليها تخليق تجارب فنية جديرة بهذا الوطن، وهل يستهان بهذا الجلل؟ ولكن الأصعب يصل عند ادانتها وتحميلها مسؤولية ما يتردى.

يرتهن النهوض الثقافي بنهوض (واقع) مجتمعي يعي أهمية وحتمية الثقافة كرهان حضاري لا على مبادرات فردية – وهنا لا أقلل من شأنها وأهمية اضطلاعها بدورها الريادي – ولكن الحوار بصدد نهوض ثقافي يعم الوطن بكل تجلياته.

3- تنوعت الأساليب الأدبية، وكثرة الأسئلة حول كل إرهاص يحط فوق هذه الساحة الأدبية عندنا في البحرين، فأين موقع المجازفة والمغامرة عند شعراؤنا حيال بقعة الضوء؟

منذ البدء و (الكلمة من أجل الأنسان) شكلت التجربة الشعرية في البحرين انحيازها العارم لأسئلة المستقبل، لم تسقط في مهلك التقليد، وطحن ذات الدقيق، واجهت سمو السنابل لتتعرف على ذهب القمح، لذا اقتحمت أشكالاً وأساليبا تعبيرية متنوعة الأصداء، فصدور كتاب شعري يعني بالضرورة طباعة تجربة شعرية تختلف عما سبق له النشر، وما عليك سوى تداول المنجز الشعري لتتحقق من موقع المجازفة والمغامرة حيال بقعة الضوء، كم كانت عسيرة.

4-أحياناً نوغل في الشطط والتجني على كل حركة أدبية تأتي مزاملة لنا، متناسين بعدنا المتعجرف في لم هذه الحركات واحتضانها، فكيف ترين صحة هذا المثلبة؟

ثمة خلل ينتاب هذا المثلب، أولاً المبالغة بشأن تزامل حركات أدبية وكأننا نحيا في متسع جغرافي يتعدى هذه الجزيرة ليأوي حركات أدبية، ثانياً يحتمل هذا المثلب تعابير لا تليق به كمثلب يسعى لطرح إشكالية (رعاية واحتضان) المواهب الأدبية الجديدة، وهنا لا أعول كثيراً على محاورتها آن صدورها من منطلق حساسيات شخصيه وحسابات فردية تتوهم التجني، ولكن أرى أهمية تواصل التجارب الجديدة وذاكرتها الأدبية، ما سبقها من نتاج إبداعي.

يوازي هذا اهتمام الكتاب الذين رسخوا موهبتهم الأدبية بمتابعة نتاج هذه التجارب والتعرف على مشروعها الجديد.

لكن لابد من تشكل التحدي بين الموهبة وذاتها، هذا التحدي الذي يفترض رفضها لأي (احتضان أو رعاية) عدا احترام حضورها، وحقها في التعبير وفق ثراء الموهبة، لا مديح المداهنة من قبل الآخرين الذي لا يقل عنفاً عن قسوة تسمى نقداً أيضاً، لما لهما من شأن تدميري، مخرب قد لا تقوى عليه موهبة لم تشتد حصانتها بعد.

أرى أهمية التعامل بحذر من قبل الكتاب تجاه المواهب الجديدة – ما أراه الغالب لدى الأغلب – قراءة العمل وإبداء الرأي بتوجيه ملاحظات عامة قد تستفيد منها الموهبة، حيث من الصعب إبداء رأي أخير تجاه موهبة جديدة في طور التخلق، لا توصيات ولا نصائح، لكل تجربة فرادتها التي عليها اكتشافها من خلال الكتابة لا الوصاية، المفارقة ان بعض المواهب لا تقبل بهذا المنحى الذي يحترم حريتها واستقلالية عطاءها وتنتظر كالضرير (من يأخذ بيدها).

5- الشباب براعم الحركة الأدبية الجديدة، يشتكون من قلة النقد، ومن لم الشمل، فما هو رأيك؟

ليست وحدها البراعم من يفتقد للنقد، حتى الأشجار التي تداوم على الكتابة والنشر لا تراه، اما (لم الشمل) فهناك أسرة الأدباء والكتاب، بالرغم مما تتعرض له من صعاب، فلا بديل آخر جدير بالحركة الأدبية سواها، ولكن هل لي أن أسأل البراعم: لماذا يبتعدون كثيراً عن هذا البيت، ثم يتكدرون بالشكوى من لم الشمل؟

6ـ لو قلت لك كيف تقرأين الساحة الأدبية عندنا، ماذا تقولين؟

أقول برغم التجاهل والجهل المستبد، تتنامى في الساحة الأدبية عطاءات إبداعية هامة تشكل رافداً لحركة الأدب العربي وهذا ما يتلمسه المتابع من احتفاء بتلك الأسماء الأدبية، هناك مواهب وإلتماعات جديدة تواصل حفر مسارها، كل هذا مع افتقاد هذه الساحة للعديد من المؤثرات التي تثرى الحركة الأدبية، كدعم وتفعيل المؤسسة الأدبية، مساحة للكتابة دون التعرض لسطوة المقص، توافر امكانات للنشر لا ترهق رزق الكاتب، حفظ حقوق المؤلف حقاً لا على الورق، إيجاد منافذ لتوزيع الكتاب المحلي محلياً على الأقل.

7- كيف تجسدين معاناتك وتربطينها من وضعية الهم الخاص الى الهم العام في رؤية شعرية؟

من الأوهام التي عمت تجربة الشعر العربي بالتحديد خضوعها لدرامية الثنائيات التي لا تنتهي، من الخاص والعام، الذاتي والموضوعي، الشكل والمضمون، إلى آخر القائمة، وذلك لتفنيد الشعراء كل حسب خانة النقد، في حين تصوغ الرؤية الشعرية جماليات النص الأدبي بمعزل عن هذه التعارضات.

الشاعر كائن يحيا الحياة على أرض تمده بكل ما يعتريها من قسوة تؤسسها حضارة الحرب.

الكتابة لغة تعبيرية عن طريقها يتصل الكاتب بذاته ليتعرف على ما يضنيه، لذا تتخلق الصورة الشعرية بمعزل عن وهم التضاد بين (الخاص والعام) لكونها تجسد ما يفيض في أعماق الشاعر من ألم التكوين وتعبر عن حساسية اتصاله بعالم شرس لا يُحتمل لما يشتعل فيه من هوى التدمير، لذا لا لتعسف الفصل بين (الذات والعالم) هناك التحام بين الشاعر والحياة لا مفر منه لتخلق الشعر، الحديث هنا يطال الإبداع لا النظم أو التدوين.

تتجسد هذه المعاناة في رؤية شعرية عندما تتجمر بالفعل في ذات الشاعر، لا عندما يتم تصنع حضورها، حينها يسقط الشعر وتظل الحروف بلا روح على الورق.

هكذا أرى السؤال، وأتوق للقدرة على تقصي نص شعري يتقد بما أراه والحياة تمضي.

8- يقولون إن الرواية قصيدة العالم العصرية، فكيف ترين صحة هذه المقولة؟

دائماً كانت الأشكال التعبيرية تتزامن و تتقاطع لاكتشاف قدرتها على ترجمة مشاعرها المصابة بوقتها الراهن ، كل فن يتطور لمجايلة المتغيرات التي تعصف بالذات ، لذا تم انتقال الرواية من النمطية الحكائية المتشبثة بإلزامية المكان و الزمان ، الحبكة ، مقتضيات السرد وغيرها من التقنيات التي تصادر حرية الكاتب المعاصر في تدشين تجربة روائية تلبي تشظي ذاته أمام سقوط الحلم و تعثر الأمل ، لذا جاءت التجارب الروائية الجديدة بقدر حميم من استنزاف مقدرات الذاكرة ، لتغدو الرواية عالماً مشحوناً بكل عناصر المقترحات الفنية ، جاءت فضاءاً قابلاً للتعامل و قارئ جديد يتعرف على هذه الاحتمالات .

كما تشير الناقدة (يمنى العيد): (الخطاب الروائي يستجيب بتطوره وترقيه للتعبير عن تعقدات الحياة المتزايدة، ولخلق عالم متخيل قابل بطبيعته التخيلية لأن يتفاوت فيه الكلام وتتعدد أصوات المتكلمين وتختلف رؤاهم وانماط تشكلها لتستوي بنية صراعية أو بنية تكاملية منسقة.)

متغيرات كتلك لم تقتصر على الرواية وحدها ولكنها تبدت في الشعر والقصة والمسرح والفن التشكيلي، ولكن على صعيد الرواية تزامنت واسهامات عربية ملفتة، كذلك نهضة الترجمة لنتصل بأعمال روائية حداثية هامة، استرعت وطغت على اهتمام القراء، مما دفع محبي التكهنات وإثارة طواحين الإشكالات لترديد مثل هذه التوقعات: انتهى زمن الشعر، الرواية ديوان العرب وإلى آخره.

الشعر ماس يتبلر من عتمة الروح، كالفحم تماماً، له صيت النار، ما يظل متقداً، بئراً للبوح شديد الغور، غير قابل للنفاذ، دام هذا الكون يحتمل كوكباً يشبه الأرض.

9- عندما يقدم لك النقد، وتكون اللغة السلبية هي الطاغية على لغة نقده لك.. كيف تفعلي حيال هذا النقد؟

لا أفعل أكثر من قراءة طريقة تعامله والنص.

10-عبد الله خليفة أجرى و لا يزال يجري بعض اللقاءات مع الوجوه الشابة عندنا في البحرين.. تركز على هموم الكتابة الشابة والموانع التي تقف حيالها.. وأكثر الشباب يشكو الوحدة، وقلة اللقاءات والندوات، ويعتب على المهتمين بالأدب، لكونهم بعيدين عن هؤلاء الشباب، فكيف ترين وتفسرين لغة الأدباء الشباب وهمومهم؟

سبق أن تحدثنا في جوانب تتصل بذات السؤال، إن الشكوى من قلة الأنشطة الثقافية لا تنحصر في الكتاب الجدد ولكنها تكاد تكون ظاهرة عامة تنتاب كل من يحرص على استنهاض الواقع الثقافي في البلاد.

اما حول (العتب) على المشتغلين بالأدب لابتعادهم، سأكتفي بدعوة من يعتب للاجتماع الأسبوعي في أسرة الأدباء والكتاب ليرى من يشغل المقاعد ساعياً لتحقيق اللقاء، من غير المهتمين بالأدب؟

من يشتكي نادراً ما نراه.

11- كيف تضع الشاعرة فوزية السندي قصيدتها؟

لا أعرف كيف؟ ما أن أبدأ الكتابة تأتي القصيدة وحدها، كنورس لا يمل البحر أراها تستوطن مكيدة الورق، فأعرف انها هنا.

12- من خلال تجربتك الطويلة في التعامل مع الشعر، هل تستطيعين أن تضعي رؤيتك حول هموم الشعراء والقصيدة الشعرية في وطننا العربي؟

هل أستطيع ذلك؟

ان وضع رؤية حول هموم الشعراء في الوطن العربي وكذلك هموم القصيدة الشعرية في الوطن العربي أيضاً، تتطلب وهماً بذلك.

13- ظاهرة الشاعرات عندنا في انحسار ماعدا بعض الوجوه النسائية ممن يكتبن اللغة العامية والنبطية، أما مجال القصيدة الفصحى فمن الملاحظ انحسار ملحوظ، كيف ترين هذا الانحسار ولم ترجعين ذلك؟

كتابة المرأة للشعر لا تشكل (ظاهرة الشاعرات) انما تجربة فنية وإنسانية تعتمل ليكتمل المشهد الأدبي، تجربة تضاف للإسهامات الأخرى، بالفعل هناك عدم تواصل من قبل الكاتبات وحديثي يتعلق بالكتابة الأدبية لا العامية أو النبطية، أميل لتعبير عدم التواصل على تعبير السؤال (انحسار) فالحركة الأدبية البحرينية لم تشهد زخماً وكتابة المرأة لتنحسر الآن، هناك تجارب بدأت باندفاع وعبرت عن حضور موهبة متألقة، البعض لم يزل يكتب والأغلب فقد التواصل والاستمرارية.

فيما يتعلق بالمسببات، فمن الجائر أن نستكين لأسباب محددة لأن المسألة تبدو أشد تعقيداً، تكاد تشكل ظاهرة عربية في كتابة المرأة بالذات، فالتحديات هنا لا تخضع لطبيعة الكتابة الجديدة ومتطلبات التجديد من مثابرة على ممارسة الهم الإبداعي، لكنها تتجاوز ذلك لتصطدم بمنظومة فكرية إرهابية تكبل حريات التعبير وتتضاعف تجاه المرأة – ضلعها المعوج – أضف على ذلك عبء العائلة والعادات والتقاليد التي ترى عورة الصوت فما بالك بوعر الكتابة.

14- حنجرة الغائب، تداخلت الرؤى الكثيرة لهموم الشاعرة من خلال قصائد الديوان ووقف الغائب في حظوة التيه، فهل للشاعرة أن تدخلنا ولو بصيصاً في فك حلم الغائب؟

بعيداً عن التباس السؤال فيما يتعلق (بتيه الغائب) و (فك حلمه)، جاءت تجربة (حنجرة الغائب) كتعبير لمدى الاغتراب الذي نقع تحت وطأته، كلما حاولنا مشافهة الذات وكتابة ما يحتدم من رؤية إنسانية.

هذه الكتابة حنجرة لا تزعم القدرة على نحت الصوت ليشبه كلمات تسعى إليها القصيدة و لكنها حنجرة حاولت أن تشبه صوت امرأة أخرى ، غريبة ، مغتربة عنها و تلوذ في أعماقها ، فهي حنجرة الكاتبة الغائبة لا الحاضرة ، و بعيداً عن خلل تاء التأنيث أو تاء التذكير التي لم تكن تعنيني بقدر عنايتي بالتعبير ذاته جاء الكتاب معنوناً بالغائب ، فهي كتابة أردت من خلالها التعرف على البعد الملغي في ذاكرتي كامرأة عربية و المتحفز للبوح في آن ، لأنها حنجرتي .