حين اختلي باقداري

حين اختلي بأقداري

 

أكون في حال المتيم

حرير وجد يرتديني

مهارة عطر تلملم مهاو ي عمري

 لأواكب عصف أقداري

 

سبحان ما يسري بيننا

من معجز مشغول بعناية نسج خيال بهيج

من حميم حضن لا يغادر ولا يستوي إلا لصهير

 

أرتجي قلبي ليهدأ قليلاً

ويدعك تسترسل في تهجي دمي

 

ما عدت اختلي بغير أقدار تسوقك نحوي

برعاية أطياف تراود أرق قلبي

 

أيا صاحب الحب

أما آن لنا أن نداري جوانا وما بيننا

ونرنو لقلبين يعتنقان خلوة جديرة

تفشي مرام هوانا

 

برنامج نون المنامة في مملكة البحرين

الشاعرة فوزية السندي في لقاء حول الكتابة

أمسية شعرية في اتحاد الطلبة في ليدز- بريطانيا 1980

أمسية شعرية في اتحاد الطلبة في ليدز- بريطانيا 1980

جائزة الشارقة لإبداعات المرأة الخليجية تختار الشخصية الثقافية فوزية السندي

للمزيد من التفاصيل اضغط هنا

 

حجرة مثخنة بالهدوء كله

 

” وردة جافة مبعثرة الأوراق عثرت عليها وراء صف من الكتب وأنا أعيد ترتيب مكتبتي. ابتسمت. انحسرت غيابات الماضي السحيق عن نور عابر.

وأفلت من قبضة الزمن حنين عاش دقائق خمس.

وند عن الأوراق الجافة عبير كالهمس.

وتذكرت قول الصديق الحكيم. ” قوة الذاكرة تنجلي في التذكر كما تنجلي في النسيان”.

نجيب محفوظ

 

رحم الله الروائي المصري “نجيب محفوظ” الذي أشعل ذاكرتنا طيلة طفولتنا وصبانا بالعديد من الروايات والقصص التي تحمل عذوبة نهر النيل لا الحبر وحده.

يا لها من مفارقة مؤلمة، أن يكون زعيم الاخوان المسلمين “سيد قطب” أول من تحدث بفخر عن روايات نجيب محفوظ الأولى “القاهرة الجديدة” و”بداية ونهاية” و”زقاق المدق، عندما قال:

” لو كان لي من الأمر شيء لجعلت هذه القصة (كفاح طيبة) في يد كل فتى وفتاة ولطبعتها ووزعتها على كل بيت بالمجان ولأقمت لصاحبها الذي لا أعرفه حفلة من حفلات التكريم التي لا عداد لها في مصر.. للمستحقين وغير المستحقين.”

ليعلق نجيب محفوظ على هذا النسيان المتعمد من النقاد طيلة خمسة عشر عاماً:

“لقد انفعلت بأول مقال كتب عني حوالي عام 1948 ربما بقلم سيد قطب. الصمت لا يطاق.”

منذ عام 1948 حتى موته، تعرض لسجالات وحملات تكفير عنيفة تصاعدت حتى بلغت محاولة الاغتيال، وتعرضت روايته “أولاد حارتنا” للمصادرة ومنعت من النشر في مصر، وتم تكفيره على أيدي أحفاد أخوان المسلمين الأوائل، تلك الرواية التي كانت ضمن أربعة أعمال روائية حاز من خلالها على جائزة نوبل في عام 1988، والتي عرضته أيضاً للنصل الذي انغرس عميقاً في عنقه عام 1994، بغدر صبي مصري قال: “انهم” قالوا له أن هذا الرجل (محفوظ) مرتد عن الاسلام.

كما قال الغزالي عن انتشار الرواية في مصر:

 “السموم أيضا تنشر خلسة والناس تقبل عليها”

وبعد بدء نشر الرواية على حلقات في جريدة الأهرام عام 1959، حث بعض رموز التيار الديني المحافظ على وقف النشر استناداً الى تأويل الرواية تأويلاً دينياً يتماس مع قصص بعض الانبياء. الا أن ذلك لم يتسبب في وقف النشر ولكنه تسبب في عدم طبعها في كتاب داخل مصر الى اليوم. “

ثم تجدد الجدل حول “أولاد حارتنا” نهاية عام 2005 حيث أعلنت مؤسسة دار الهلال انها قيد الطبع حتى لو لم يوافق محفوظ بحجة أن الابداع بمرور الوقت يصبح ملكا للشعب لا لصاحبه. وحالت قضية حقوق الملكية الفكرية التي حصلت عليها دار الرشوق دون ذلك. وأعلنت دار الشروق مطلع عام 2006 أنها ستنشر الرواية بمقدمة للكاتب الاسلامي أحمد كمال أبو المجد. ونشرت مقدمة أبو المجد التي أطلق عليها “شهادة” في بعض الصحف لكن الرواية لم نفسها لم تصدر الى الان.”

 

أليست مفارقة غريبة أيضا أن ينهى “نجيب محفوظ” حياته الروائية برواية ” أحلام فترة النقاهة” تلك التي تتحدث عن مجريات محاكمة يقرر حضورها، ليشهد محاكمة لمجموعة من الزعماء والسلطة، ليتحقق من عدالة هذا المجتمع وكيف سيحدد التهمة بينهما، لكن تراجيديا هذا العصر تنتصر عندما يقرر القاضي أن يتهمه هو الذي حضر المحاكمة، فبدلاً من حصوله على الحقيقة يتحول فجأة إلى متهم، وتضيع صرخاته وسط تكالب الجميع ضده، وتواطؤ الأضداد أيضاً.

هكذا فضح ” محفوظ” طبيعة الاستبداد حين يتحول إلى تعسف يصادر حرية التعبير، هكذا أدان مصدر الشرور التي عانى منها طيلة حياته الروائية، هل أراد نجيب محفوظ قبل الذهاب الأخير أن يودعنا الحقيقة كما تراها العدالة الحاكمة.؟

هل أراد أن يصوب حروفه نحو الخلل؟

حسبنا ذلك، عندما نرتاد بذاكرتنا أغلب رواياته وقصصه عبر لمحة بانورامية ونحلل رؤاه الفنية والانسانية، المدافعة دوماً عن حرية الانسان وحقه في التعبير، تلك التي حولها لشهود على ما حدث ويحدث وسوف يحدث

رغم ذلك كله،

لم يتعب من الكتابة..

حتى آخر اللحظات التي أودت بجسده الناحل، واصل الكتابة، مستنداً على قدرة سكرتيره الشخصي الحاج “صابر” عبر الإملاء المستمر، بعدما تدهورت أصابعه وأضمحل بصره، اتقدت بصيرته وطاله العناد الابداعي البهي، لم تعد قدرة الامساك بالقلم أو النظر إلى الكلمات مهمته، بقدر ما كانت الذاكرة تحيك له الصور الابداعية وتحبك له الحب كله كل نص.

في حي الحسين بمصر، ينفرد مقهى “الفيشاوي” بوجود حجرة خاصة للروائي” نجيب محفوظ”، حجرة قديمة، تشتمل على طاولة وكرسي، وما لا أتذكر من الصور أو الأثاث الآخر، لكنها تمتاز برائحة التاريخ المصري الذي رافق حروفه وكلماته، وسط الصخب البشري في تلك الأمكنة المحتلة بالضجيج كله، الغريب في الأمر، أن هواء تلك الحجرة مثخن بالهدوء كله، كأنه أغلق العالم الصاخب رأفة بالتعب المصاحب لأصابع “نجيب محفوظ” وهي ترتقي بياض الورق، تغزل الحروف، تدون تجربته المندغمة بتجربة الوقت الذي ينبض في عروقه ويحتل القلب مشتعلاً بحب مصر.

لؤلؤة البحرين

 

” تحقيق الذات هل هو مفهوم مرادف للأنانية وحب الذات والتضحية واستنزاف المشاعر أم هو عكس كل التوقعات يعني تقدير وحب الذات الذي يؤخذ دائما بمعنى تحقيري بينما هو العكس يشير الى أعظم حرية داخلية يمكن بلوغها.

لماذا نحتمي بالماضي ونتعلق به كخشبة خلاص ونطعن في الحاضر كخطيئة.

انها حياتنا التي نروي عطشها ببريق حلم مستحيل وشذى الأمل.”

عزيزة البسام

1-

هكذا كتبت قبل الموت، كأنها تقرأ ألم المستقبل.

كأنها تصغي للضجيج الذي سيجترح بطولاته المقترنة بأوهامه المتهدمة.

عزيزة لم تفارقنا، بمعنى المكوث طويلاً مع كلماتها، ابتسامتها، نقاوة قلبها. عطر روحها.

نصغي لها دوماً ونحن نترحم بشدة على غيابها المبكر، ونشد من عزمنا على الحياة دونها.

كلما اكتب عنها أراها أمامي تبتسم كعادتها وتنظر الى روحي.

لا ينهمل دمعي وحده، بل يتقاطر قلبي.

ماذا عساي أكتب عن صديقة لا تغيب، عن ذاكرة تراها دوماً، وهي واقفة على باب جمعية النهضة ترحب بالآتين، وهي تتحدث بلهفة غامرة عن مشاريع تتدافع بمحبة طاغية وهي تكتب برفقة رؤى ترى المستقبل البعيد.

وهي تموت بهدوء ملاك يحتفي ببياض مهدها الأخير.

كما اعتدت تماماً، ولأستوفي مدى حرص كلماتي على الاحتفاء بكتابة الصديقة النادرة على مستوى العطاء والبذل والتضحية والإسراف في المحبة، الكاتبة” عزيزة البسام”، تلك المرأة القديرة على البحث والسؤال والاجتهاد النقدي، بل إثارة التحديات كلها-التي نحتاج لمثلها الآن- بجرأة غير معهودة، لكونها على الدوام كانت جديرة بحرية الكلمة وجرأة الموقف، بدءاً من تضحياتها الكثيرة حتى وداعها الأليم.

بالرغم من فقدنا المرير لها، لنا أن نتعزى بما تركته من مواقفها وافكارها النيرة،، تلك التي تثير التساؤلات نحو توجه فكري مهم، كانت “عزيزة” ضمن كل الحوارات تتوجس المخافة كلها وهي تؤكد على أهمية سعي المرأة العربية لاستيعاب طبيعة قضاياها ومن ثم الدفاع عن حقوقها، عبر تجاوز المشكل الوحيد الذي يعوق دون استحصالها على قوة دفوعاتها، ببساطة كانت تشير نحو عدم اهتمام المرأة بالوعي المعرفي اللازم والثقافة الحقوقية التي تؤهلها لإطلاق حرية صوتها، ذلك لعدم اندفاع المرأة لهذه الحقول الثقافية التأسيسية، لقد تنامى هذا الاشكال كنتيجة حتمية لخضوعها لمتطلبات وهجمة هذا الواقع الاستهلاكي المدمر، هيمنة السوق بمقاديرها التسليعية لكل شيء، بدءاً من البضائع حتى المشاعر الإنسانية، سوق نقدي يهتم باكتساح البضائع وحدها و ترويج الوهم الإعلاني المدمر للعقول و اللاغي لطاقات الفكر، كرنفال تسويق لا يكترث بأي شيء، بل يسعى لتحطيم كل القيم و المبادئ و المسلكيات الحضارية التي تتقن درس الحياة و تعترض على إندفاعه المحموم.

لذا حدث كل هذا التراخي الأليم تجاه أهمية تحصيل المرأة على الوعي أو تسلحها بالمعارف الحداثية العميقة، لتستطيع على الأقل الدفاع عن مكتسباتها، إن لم تكن قادرة على الذهاب نحو المطالبة بما تستحق، بالرغم من ثقة” عزيزة” البادية في العديد من النسوة اللواتي إستطعن تأكيد حضورهن المتميز، لكنها كانت دوما تشير- بأسى عميق- للغالبية المقصاة عن مواقع الفعل وتتنادم على الملتهيات بسلع السوق وزيف اللهو الاستهلاكي المدمر

هكذا كتبت لنا:

“إن متابعة ودراسة ردات فعل النساء والمواقف التي يتخذنها تجاه قضايا تتعلق بأدوارهن ومراكزهن في المجتمع وحقوقهن الاقتصادية والسياسية إلى جانب القضايا المجتمعية الأساسية أمراً في غاية الأهمية لفهم دور المرأة في حركة التغير والتقدم في المجتمع، وبالعودة لسؤالنا الأساسي وهو كيف تواجه المرأة في البحرين القيود الاجتماعية والاقتصادية التي تقف في وجه الاستفادة من قدراتها وإمكانياتها؟ هل يمكننا وصف موقفها بالسلبية والعجز والخضوع للأمر الواقع.. أم هناك مواجهات مستترة ومن حين لآخر واضحة ومعلنة حسب طبيعة الإشكالات القائمة؟ لا يمكننا القول إن موقف المرأة في البحرين تجاه القيود الاجتماعية والاقتصادية التي تعترضها تتخذ الاتجاه السلبي في التعامل مع مشكلاتها القائمة بشكل قاطع، ذلك لأن الموقف من التغير ليس هو ذاته عند كل النساء، فالمصالح الطبقية والوعي الثقافي والاستقلال الاقتصادي، كلها عوامل تحدد موقف المرأة كما الرجل من التغير الاجتماعي.”

2-

عزيزة احتملت حياتها بما وهبته من محبة وحكمة ضد الألم.

رفقتنا لها كانت درساً لا متناهيا في تعلم معنى الحياة دون مقاصد ومصالح وأجندات وغيرها من المصطلحات المتفق عليها في جراب الجشع.

علمتنا معنى الحياة بمحبة لكل كائنات ومخلوقات الله دون تمييز او نبذ.

كالوردة اهتدت بتعاليم الندى، وتمايلت على غصون التعب حتى تراحت لغياب اضاء الوقت كله بعطرها الفريد.

عزيزة: رفيقة قلب أمهلتني حمم الغياب كلها، دون منازع أليم سوى فقدها العصي على الاحتمال.

كانت ولاتزال صديقة لقلب لا ينبض الا بذكراها

عزيزة امرأة تدير بلاغة العمر،

لئلا تضلل ما يؤجل الموت

لئلا تجازي ما يرتكب الحياة.

3-

عزيزة لؤلؤة،

لم تخسر غير محارة تتكسر

 

قلبي دليلي

 

دلني عليه واستراح

كان قبل أن يستدله

ينبؤني بملامح شغوفة وفؤاد عارم

قميص يخفق من بعيد متأثراً بعطره

شعر أبيض بالقليل من الرماد الذي لم يستو بعد

كنت أراوغ قلقه واصطباره بمهارتي على التلهي

أصغي بحال من الصمم

وكثيراً ما صرت أرتب الفراشات حولي

لتزهو في هواء غرفتي

غير عابئة بهواه

 

لكنه الدليل وتقلبه مهنته القديمة

فأجاز لامبالاة روحي ولا اكتراثي

صار يملأ سلاله بغصون البنفسج من حقول أحلامي

يسرج فارسي على خيل أبيض أو براق مضيء

ليبتسم الحب على شفتي

أو على الأقل

أهفو نحوه

لم أجازف ثانية باستضافة كسر قديم

لم يلتئم الا بعد عمر جزيل

ولكنه غامر بجحودي وقاد هيجاء الغمر

ليخطف رايتي المبتلة

ويعيد لى خفق مبهر

تردد في حوايا روحي ورج عالمي نحوه

 

الحب يرانا ويقطف قلوبنا

كما الوردة الهائمة في غمامة عطرها

لا ندركه

الا حينما نراه

كالهواء يهف بنا

آنذاك لنهتف

يا لنا

 

 

 

 

 

أمين وهو يرانا الآن

 

(1)

منذ «هنا الوردة» وهو يرانا في حديقة روحه، أرواح متلهفة بقلوبها حوله، تتأمل إتقان موهبته وينبوع عطر روحه، تراه يتأمل ما يراه بهدوء وردة تتسامى في هواء الله، قدير يحيا وحده وكتبه وأقلامه وأوراقه في وقت يكتشف مداه. عرفت «أمين» عندما احتميت بالحرف ولُذتُ ببياض لم أعهده من قبل، صديق للقلب، هادئ كما الغيمة وهي تمضي بنقاوة المطر في سماء ملهمة، دومًا يكتشف ذاته وما ينحت الروح، مـتأهبًا ببصيرته لحياة تقترب منه

حذر «أمين» وانحيازه لعزلة مهيبة تجاه ما حوله، علمه أن يتقن صمته، دومًا كنت مفتونة بصمت «أمين» أمام غلو ضجيج يتسابق في تصاعد أزلي، تلهف نحو المنصات وحمى النياشين، حبور برنين أياد تحتد، تدافع حثيث نحو وهم المجد، نحو مزاد أجوف لا يمس الإبداع بِصِلة. ذاك الذي لم يكن يراه «أمين» وهو يمضي لصقل ذاكرة رعاياه بنقاوة قلبه ومهارة موهبته، مليك زاهد ومقتدر يزين مملكته بحكمة بالغة نرتويها على مَهل. عرفته فيما بعد بذهول أعمق عندما بدأت أقرأ هداياه التي أحتضنها بحب، وأتجمل بإهداءات عميقة كقلبه

صمت أمين كان دومًا يذكرني بكلمات الشاعرة إيميلي ديكنسون، التي لم تكن بحاجة إلى المجد: «المجد هو ذلك الشيء البراق الأسى/ الذي يعني السيطرة لحظة ما/ فيدفئ اسمًا مغمورًا لم يعرف حرارة الشمس/ لينقله بعد ذلك/ برفق/ نحو العدم.»

(2)

كتبت منذ وقت مضى وأنا أدون ما مسني من «ندماء المرفأ ندماء الريح»: لست هنا لاقتراف فعل النقد الذي يقسو ليغتبط بذاته، أو الذي يتأهب بعدة السفك ويسوق ما يفترض أنه جثة لبرد الطاولة، ويفاجأ حين يغرز مخرزه لتشريح ما استعصى من أعضاء النص، يفاجأ بصرخة ترديه منذهلًا لما يرى، ويعتقد فيما بعد صعوبة الدخول إلى هذا النص الذي ينزف دمًا لن ينساه من لا يحترز، من لا يترفق بعبء أمين المتخلق جسدًا أكثر رهاوة مما نجزم، فليكسر من أراد أن يتوغل معوله

آن لنا أن نلتذّ بهذا الهواء، إنه الهواء ولا شيء سواه ذلك الذي يحرضنا ونحن نقرأ أن ننسى ما نقرأ وننداح في سلال المتعة التي لا تضاهى، بدخول هذه المغامرة التي تجرجرنا من ردن الصخب الذي يعترينا. ومن لا يفعل لن يغفر ليديه ما التهت به من شأن آخر عندما تتبرأ منه ذاكرة تعرضت لكل هذا الانتهاك الجميل

عندما ينتزع أمين صالح جسده المضمخ بكلام فاضح ويهبهُ ببذخ في العراء ويقول: هذا نداء ندمائي، فماذا ترون؟ لا نرى غير ما نراه أو ما يراه؛ لأننا في كل قراءة (محاذاة) لنصه نكتشف تبدل رؤيتنا للمشهد ولما توقعناه أن يكون، ونبدأ ننسف بأنفسنا وبوعي أكثر اتقادًا ما كنا نراه. ماذا ترون؟ هكذا لا يكف عن مشاغبة أدوارنا فيما لا ندرى؛ لأنه النص الذي يبوح ولا يستباح ولا نجرؤ على تخيل هذا الفعل، لا بابَ للانتظار، كل ما هناك نوافذ للفتح

(3)

هذا هو «أمين» وموهبته المتقدة في رحلة الحياة التي سامر فيها كل تجليات روحه الإبداعية من القصص والروايات والسينما والمسرح والشعر الذي تناهض في ينابيع نصوصه، والكتابة فيما تراه الروح، وكل شيء أمعن في عين القلب ليرى ما يراه وليرانا نُسارّ بياضه الأليف بالتوق لجموح حرفه. يا له وهو يتكئ في ليله الوحيد وينبض بهدوئه المعتاد ويحتضن قلمه الأول ويكتب ما يراه

لا أبالغ إذ بحت بصراحة قلبي عن ندرة قلبه وعمق صداقته بملائكية يجسدها «أمين» بين قلبه وقلوبنا طيلة حياته، مبدع مثله يجتاز الحياة برفقة نقاوة ظله وبراءة قلبه الذي لم يتأخر عن الحب قط. من عرف أمين تعلم معنى الحب المصقول بصدق لا مثيل له، هو من يغدقنا الآن بالحب، بكرمه وتكريمه في آن، كذلك قلبي ممتن لرفقة «الفيصل» على دعوتي لتنوير حديقة قلبي بكلمات قليلة أودعها قلب «أمين»

مشاركة في ملف تكريم “أمين صالح” في مجلة الفيصل الأدبية