في أمسية السندي الأخيرة… شمعة بلون احتفالات الجسد
الشاعر جعفر الديري
12 مايو 2017
في نفس شعري يوغل في الجماليات أحيت الشاعرة البحرينية وعضو أسرة الأدباء والكتاب فوزية السندي مساء الاثنين 14 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري بصالة الرواق للفنون التشكيلية أمسية شعرية قرأت فيها مجموعة من قصائدها الجديدة.
قدم للشاعرة الشاعر البحريني وعضو أسرة الأدباء والكتاب أحمد العجمي الذي عرض للسيرة الشعرية للشاعرة وللمحطات المهمة في مشوارها الذي بدأ منذ العام 1982 بديوان «استفاقات».
عرض العجمي للشاعرة فذكر أن «الشاعرة فوزية محمد عبد الرحمن السندي شاعرة حداثية وهي عضو أسرة الأدباء والكتاب في البحرين ساهمت في هيئة تحرير مجلة «كلمات»، كما ساهمت في هيئة تحرير مجلة «البحرين» الثقافية وساهمت في الكتابة الأدبية ضمن عمود أدبي تحت تسمية «صوت» في الكثير من الصحف العربية».
وتحدث عن مشاركاتها بقوله: «لقد شاركت السندي في الكثير من المهرجانات الشعرية والكثير من الملتقيات الأدبية، وهي: مهرجان أصيلة الشعري في المغرب العام 1987 – مؤتمر الابداع العربي في ليبيا العام 1988 – المهرجان الشعري لأندية الفتيات بالشارقة العام 1989 – مهرجان الخنساء الأول للشاعرات العربيات في عمان 1999 – مهرجان سوسة الدولي في تونس 1999 – مهرجان المتنبي الشعري الأول في زيورخ العام 2000 – مهرجان الشعر في معرض الكتاب الدولي في بيروت العام 2000 – مهرجان الشعر العربي الدولي في غرناطة العام 2000 – مهرجان الدوحة الثقافي في قطر العام 2000 – مهرجان الشعر وحوار الحضارات في باريس العام 2000 – مؤتمر المرأة والابداع في القاهرة العام 2002 – مهرجان ربيع الشعر في معهد العالم العربي في باريس العام 2003 – اضافة الى عدد من الأمسيات في البحرين. هذا، بالإضافة الى ترجمة بعض أعمالها الى اللغة الانجليزية واللغة الفرنسية والألمانية والاسبانية والايطالية».
وبصفته متقصياً لبعض ملامح اصداراتها قال العجمي: «شمعة فاتنة كلما ترامى لها الهواء ترامت كعذراء صعبة» من ديوان «رهينة الألم». «وقتما تنضج جمرة الشعر تتفتح وردة بلون احتفالات الجسد، لتمنح أسرارها لقلب يورق برايات وشهوة وصاياه» هكذا كانت مشافهة شهية وجميلة هذه «الاستفاقات» التي صدرت في ديسمبر/ كانون الأول العام .1982 «تزهو بنصوص مصقولة وزغاريد مرصعة في جلبة الدار، بنوافذ مهيئة للفتح لديها سعة للغيوم الفارهة والشموس المكتظة، تسرج اللهو وردة ورقة عشبة، كلمة فضاء شعر لا أكثر ولا أقل، وبأحوال الليل وقمر لا شأن لها بعلوه تتوغل في اغماءاتها لتسأل أقواسا ليست للنصر»، «هل أرى ما حولي هل أصف ما حدث» صدر ذلك في أكتوبر/ تشرين الأول العام .1986
«بحنجرة تهمس يا للعذاب، يا من لها كل هذا الوله، يا حرية البيت وحنين الحب، وحدك أمام ثعالب العشاء الأخير وقضاة الجحيم، وهذا يوسف بهي وليس وحيدا برفقته براعم ضوء لا تحصى، ففي هذه الممالك يكون الهواء دليل الأعمى، وفي ذات عزلة كالذهب يطفو القمر على مدن النوم طفلا ضالا، ومن وميض الروح لك لئلا تنكسر تتشظى» «حنجرة الغائب» الذي صدر في يوليو/ تموز العام .1992
«في أروقة للأرض حيث جسد وجبل ونار، تعوي قنينة تلهو بها المدارات تتخذ لها رواقا آخر لتصرح في الهواء كي يتسع، لتقف أمام ضراوة المهب غير ضارعة لأحد جامحة بساعدين يحرسان جذوة القلب، تبحث سيدة الوردة عن جواهرها متحدية الهواء الضيق» في «آخر المهب» العام .1998
«للقلب ولما تبقى من الليل تبوح بآلامها وتسرد للغرفة ولبابها الموارى أبدا حزنها ولياليها الوحيدة، كفراشة يتيمة وما من أحد يحرك الهواء» وقبل القتل بقليل تفرد «ملاذ الروح» الذي صدر العام .1999 «في قسوة السواهي يتكسر كل حجر لا يرى غير غبار الخسارات، لها بوردة النهر لكبرياء الكتابة لم تكن خارج الليل وأغلاله، وانما تمادت في اندلاع حبر لا يراها وأصخت لصخر قيل عنه الهواء في مساء عديم الرأفة» محاولة تسريح الأذى بدمع قاس في «رهينة الألم» الذي صدر العام .2005
مقاطع من الأمسية
1-
وحده الفولاذ يستطيع ذلك
«أًقبلُ الأرض التي خلعتني من جنانها
أعاهدُ البحر ألا أخذل منارات الروح
أعاقبُ الماء ألا انثال أكثر
أمام الصبار الجاحد فتواي،
بكيت الصحراء باباً باباً
ناوأت العطل الكاذب سراباً سراباً
ترملت من زرقة حبري،
لأقوى على مدامك هذا المصير
أًقبلُ يدي،
أقدُ لي ذراعين من عظم التناهي
وأدير أقداح العوادي».
قبل أن تزهر أصابعي،
تفرعت روحي بضلالي
قبل أن أستبشر بملامح العماء العليم،
تنضدت أعطافي بشراهة زمني
جاورت لجة ليل لا يصغ
للفجر عريف الحفل،
تناويت تكسير المعضل
أعرفُ،
قلمي: خشبة خلاصي المثقلة بغوامض أقداري
طاولتي: رعونة عذابي البارد المستتب
أعرفُ،
ليس لي،
غير أكتاف مجرجرة وأعناق مدماة من شدة النيل
هل أعرف؟
2-
صبا لم أعهده، ينوع لا أتذكره
في عينيك أراني،
أرى قدمي المتعبتين تنتشلان الوحل البارد
ثيابي المكنوزة نحو قلق ساري
ظلالي الذاهلة وهي تقتفي ضلالي،
دموعي المشتكاة، المجارة من وجنة لا تهتديني
أشفق على مسراتي الكئيبة دونك
أساور دياجير الكسير من تعبي
أناور غاية النكران،
لذا أحبك،
أحبك… كمن تهوى غديراً أبكم،
شلالاً أخرس، أسرفَ في شرخ قلبي نحوك
حينما أحببتك،
كسوتُ بي كل المرايا التي تراك،
أتحفتُ الوجد الذي تناجز بي
عاندتُ ذخير البنفسج الذي استرقاني للشفاية منك
3-
شدوا أقواسكم أيها الرماة
و
المسافة موغلة في الغدر
رغماً عما…
لم نقصد قتلكم،
فاحت تدابير الخطايا،
وتعاظم إثم الخلاص
أسرجوا جراحاتكم بالسماح الحميم،
مما تقاطر من جثمانكم
سرحوا السدود لتنهمر نوايا الجثث
انتشلوا الألواح من أنات الغرقى
لا ريب سوانا،
سوى المصقول من فساد خبايانا
من عثرات خلقنا النبيل،
فجردوا الخدور من أسرار أعذارها
واغمروا الوحل النبيه بسرايا الملذات
لن يجرف الطوفان الجدير،
غير عرايا أقل موتاً من قتلانا
دعونا،
يا ولاة الحديد
لن نأتمر لرايات تشرذم أرواحنا
لن نحتمل أشلاء تتشظى بعذابات تردينا
لم نعد نقو على إسناد جراح لا تقوانا
لم نعد نأتمر لحروب هشة تدمي أمهاتنا
ولا لمكامن غدر تلهب ما تعرى من آمالنا
فدعونا
هكذا نشيع الرعد الذي اكتوى بفتوى أقدامنا
«أيها القادة المدرعون بخواتم القتلى
وبنادق المفقودين من شراهة الزناد
أيها الفوارس الملتحفون بضمادات الضد
ابتعدوا قليلا،
لننير المشهد الواهي
بأصداء خوذ لا تصدأ
بأصابع طفولة مبتورة أدمنت شهوة النصر
بحطام أمهات لا يتضرعن لمدى الحليب
بأنقاض عذارى يستوين للمحق المميت
بأرتال أشلاء تفتش عن مأوى غير القبر
بأعضاء بيوت تسأل الغبار عمن كان
بحشرجة هتافات ترتعد ضد حناجر لا ترتد
بجرأة جثث ترث ما تبقى من عظام لا تستجير
ابتعدوا
لنصفع نكوص القيامة براحتين من عجين المذابح
صفعة لن تصفح عن أحد.
لا أحد
لا أحد خال من طنين الضمير الموغل في فرك العقل
من مغص يفترك الكليتين بحصوات تدوزن الألم
من مرارة تذرف الكبد بعصارة لا تذيب شراهة الذنب
من غصة تغتلي بصرخة لا تتبدد
لا أحد خارج هذا الكوكب،
لا أحد يستبرئ مما حدث
لا أحد
كلنا نتزيا بعفونة دماء تصطلى بوقيد الهباء المجرب
كلنا نرخي مواقيتنا لحلول عطب يستجري على لجم أفواهنا
كلنا نواكب المقابر التي تعاظمت ليضمحل التراب المؤجل
إذاً
ترجلوا أيها الرماة المسلولون بأقواس لا تهجع،
المبذورون لمآت قيامة لن تتأخر ما لم
تخجل الكراسي وهي تتوارث جثثاً تتقلد أعناق رعايا يحتضرون
ترأف الشواهد وهي تستبد أسيانة، لما يتكسر من رخام مقيت
تشرئب الأعناق المتاحة للشنق في عاتيات المراصد
وتذرف الأيادي المدفوعة القبضات زيف اندحارها المديد.
الوطن: حبة رمل،
تريثوا،
تجاه نبضها قبل أن تصلوا القبر