لامرأةٍ تناهت عنها
مثقلة بحجرٍ ميت ارتمى بين ضلوع تخسرها
مكتواة من صدِّ تاريخ رماها
تجرأت على برودةِ سرها
لتغمد ذاتَها نحو مغاليق عمياء
انتهبت موتَها، نحو عذوبةٍ ترتقي نحولَها الأبدي:
لم يسألها العشبُ إذ رآها تتعثر بنضارةِ جرأتِه
لم تثنها الوردةُ النادرةُ، الملتهبةُ من ضراوةِ صمتها
لم ينتبه الغيمُ اللاهي بممراتِهِ الكئيبة لخطى تتوسلُ الحصى
لم يهتم البابُ الأصمُّ، بصدى نحر، أرداها من وفيرِ زفيرها
لم يجتنب ثوبُها الزهريُّ الخامدُ- معطفها الكئيب المتهالك
أظافرها الحنونة المحبرة خنق لهاث أدمى رئتيها
لم يصغ الهواءُ لصبرٍ أضناها
لم يتحاشَ الممرُّ الضيقُّ شيوعَ ظلالِها المريرة
لم يعبأ أحد
بلهجةِ دمٍ ضريرٍ تخثّرَ حتى أغرقَ آخرَ الورق
أحيانا تحيا
كلما أذابت عماءَ حبرِها الخجول
ليلتئم بهدوء بياضٌ جائر
كلما تداهت برعونةِ وقتِها العجول
لتنجو من غيبوبة طافت مداها
كلما اختبرت نفضةَ الحب
لتترمد فيما بعدها بشللٍ آذاها
كلما استضافت هيامَ الدخان
لنهجِ سيرةٍ استلت صحوةَ رئتيها
كلما غامت بعناقِ أحبةٍ يجتاحون
بجزعٍ طاغٍ فراغ المقابر منها
كلما أضرمت ريشَها كله
لئلا يخسر الهواءُ خفقَ أجنحةٍ يجهلها
كلما اكتوت كثيراً بارتدادِها الخاسر
نحو عطفِ رحمٍ ينعطفُ بعيداً عن حياةٍ تتهجاها
كلما تهاوت من لهيبِ شمعةٍ تحتضر
لتغوي بهديرِ الرعب يديها
كلما تصاغت لبيتٍ أبكم
لا يتصدع ليكفَّ عنها، كفيلا به
كلما استدامت لغفلةٍ سكرى
ساهرة في تقصى الخسارات
كلما خارت قواها
إعتالت على صرامة يأسها
كلما غادرت غورَ عزلتِها الفتية
تنادت لعنف مهواها
كلما تمرأت بوجوهٍ تكسو مراياها
تناست كيف تديمُ ملامحَها
كلما تعادت مع مواضٍ باطشة
تهودت وهي تقتحمُ نعومةَ دمعها
كلما تفشت لها ذواتها
انهارت كقتيلة مؤجلة على الدوام
لذا
ابتعدت كثيرا عنها
ها هي
تحذف خطاها
تقذف شرودَ عينيها نحو طريق غائم لا يراها
تمرر ساعديها المنهكين على عظام هيكل لا يمل عنادَها
تتوافد بمشيئتها
لا تنسى قبل نحر يديها
أن تنتزع حجرًا مثقلاً بكثيف السأم
تخفيه في مخبأِ معطفٍ منحازٍ لشتاءِ مواضيها
واثقةً من حصولها على مرساة حجرية
تكفي لإغراق ما تبقى من أشرعة لا تضمدُ روحَها
مدحورة:
من رائحةِ حبرٍ لا يجاري يتم حروفها
من بيتٍ متروكٍ لذيوعِ هشيمِ الصدى وهتمِ الكتمان
تتأهل:
ضدَّ حب أضحى كسرابٍ لا يرتوي من مسيل البكاء
أصدقاءُ لن يكفوا عن تفقدِ تذكارات تنساها
طاولةٌ مدانةٌ بالندم
ريشةُ حبرٍ تتهدم
أوراقٌ تتعثر بظلامِ غرفةٍ لن تسهو عنها
لإعلاءِ وميضِ رعشةٍ تخلو منها
امرأةٌ سادرةٌ نحوها
دون رسالتين منحوتتين بشفقة جريئة
مصانتين بحروف تتأهب
ترتميان على حافةِ مدفأةٍ مهملة
ترتقبان شهقة ترتجي توأم موتها
جزع عتيق
ترنم منذ وقت طويل على نهلِ رواج المآتم
لنراها
مشرئبةً بوصايا انتحارها المبجل
مؤتمرة لحلول غاياتها المنزهة
تحتال بيديها الضامرتين على ورق
يصفر سريعاً من وطأةِ مخيلة تصهر راحتيها
تحتدم
لتحتملَ حمولةَ حياتها:
طفولة تجرعت عنفَ مراميها
انتهاك عسير على عذرية لم ترحم ذاكرةَ تنحت نقاوتها
يتم مثخن بقبر مبجل عن تراب يتقدم
انهيارات الصبا، احتمالات المشافي
مواقيت الألم الحاقن غلاوة النبض
تكديس الكهرباء نحو صدوغ تتحجر
ارتجاج يحتدُّ بجسد وحيد حد الخلع
خبرة الحجرة البيضاء بحلول جفوة لا تطاق
انسراح هزائمَ تثقل القلبَ وترجم خلجةَ الأنفاس
أوجاع بهيمة تعصف بنوايا العقل
غثيان غدر يأزز الفراغات
انتزاع أوردة تتفجر كل صراخ آت
كيل حياة لا تهتم بمآلاتِ شلل تام
هكذا أخضعوها
ضدها
دون أدنى شك
امرأةٌ
محتلةٌ بموهبةٍ تتشظى أمام عينيها الدامعتين حدَّ المحو
تتقدم بقدمين يتخلعان بتأرجح مخيف
تترنح بأنفاس مؤلمة، تتواتر خوفا منها.. عليها
تتأرجح بظلال تتقصف خلف ظلام عينيها
حتى تصلَ لعتبةِ بحيرة باردة
ملغومةً بقيعانٍ هادئةٍ وعاديةٍ جدا
ما أن تشعرَ بمدى سكونها الازلي
حتى تترامى نحو سيرة غموضها:
تنسرح بجسدِها المعطوب نحو عمق حصواتها الرطبة، أعشابها الغفيرة، تنهمر بروحها المثقلة بعبء حياة تجهلها، تنغمر بجسد يغرق على مهل ريشة تتناغم ولهو هبوب أسماك لاهية بقدرتها الباذخة على احتمال كل ما يجف هناك من أجساد تكتوي بقسوة يابسة لا تسهو عنها
لها
لمحارة لم تتأخر كثيرا
عن اندلاع لؤلؤة التمعت بعزلة مخبأها
مثلما اعتنت بغيابها تمادت بحصولها
كما خطت الحبرَ تخطت البحيرة
لها
لبكائها الضليع
المتكسر على ياقات قمصان ٍ ترتويها
لمهارة حزن قدير يأتلق كلَّ ورقة
ترتقيها في خضمِّ ليلٍ قتيل
لقيودٍ تراصفت بتهاويلِ مثاقيلها
لجفل حروف تلكز جموحَ رسغيها
لعمر مشغول بهستريا الجنوح
مأمور بحمم النوازع
لوعة الغثيان المكرس لأواخر مراراته المنذورة لها،
لكمائن تختبر بطواعية جريحة
قدرة مخالبها الخفية على الكتمان
لعينيها المتقدتين بمطر داو
لكتفيها الكسيحتين المتهتكتين كل مرام
لبياضها الرائق، كحليب قطف للتو
لبسمة تستوقد مهابة الغواية من نضارة موتها
لشعرها المنشغل المنهدر نحو جبهة ترفع عناء مغبته عالياً
لصدرها المضمحل المنزوي الباهت الملغي عنها
لقدميها الصغيرتين اللتين تودان حثيثاً
مغادرةَ حذائين لا يقلان صرامة عنها
لقلبها المزنر بأسيجة تسند انحيازها الشقي لدم يغتال خلاياها
لغبار ماكن يؤثث كلَّ زاوياها
لوقت مكتنز بأزمنة تتعدد ولا تشفق على مهاوٍ تنتضيها
لحياة
تعمدت أن تغدر بها،
قبل أن تضاهيها بعنف غدرها
لها
لوردة النهر
كبرياء الكتابة
موهبة أضاءت وميض احتضارها
و
أتقنت
إيلام إمراه اعتادت صمت انتحارها
إلى حد
يخجل الموت منه
تعجز الحياة عنه
وينحني له الحبر