ليل الوحيد


تيمم قبل ذهابها
تاركاً شيئاً من العطر
تأمل غيابها اللاهب
متشحاً بنعيم رداء يلف الغافي منها
مخمل ينتحر صوب الأنامل
شفيف رونق يرتديها

تيتم
لتأتي طافية كزهرة توليب تدمي البحيرات
تساررُ موتك العنيد بضوع حروف لا تقل
عن نار نردين و
سهو ياسمين

منفرد بلوحة تذيب الحائط سراً
مسهد تنضح فجراً قد يشفق
لا تغفر لتعب يتبعك
لا تفرغ من حرير لياليك
لا تمل عنادها الجلي
وأعذارها المشتهاة
لتنداح نحوك
تباهي بصبر حميم الصدى
متيماً بفقد ضالتك

ساهرة تكتسي نزهة الكنز
مالت بها أساور أثقلت رسغها
خالها الحجر المتلألئ عنقاً متاحاً
فرماها بعناق خانق
لم تمت
ولم ترتد لتحيا عنها

جالها ضجر الأسمنت
وخالجها مرمى الحجر بذات الحائط
المستنير بصعب سواها
فارتاعت: ماذا تفعل
هل تنزاح أو تُقبل، تختلي أو تفر
لا تعرف أين وما هنالك
حتى متى وكيف
كل ما توقنه أنت
وغاية لها السم
امرأة
تنضدُ واهي الشغاف
بمحتمل السطر
موهوبة لأنها الماء
تعجن بقواها منيع القمح
ولها منتهى السنابل
لا تهمل درس الحقل

مثل مهاة تفتقد سهولة المرج
غامت يذاكراه.. يا له
ذاك الأخضر المولع بقدرة الزنابق
العاهل بمرارة الملائك، ناهل تيجان الزرع
آن المغيب، حيث يحترق كل شيء
تغدو آلهة تلبي أمر الوله
ينتهب: اتبعي
تندحر نحوه
يهمي: أهملي
فتنهدر له
مأمورة كبرق
لا يعلم متى المطر
ولا يقدر على حال السهل

ساهية
كشجرة مثقلة بخريف يؤلم
تكسو رواج الورق بقدر لا يمهل
تراود مداً من حفيف الجذور
من جرأة العشب، حيث خصال النبت
لا تعلو على كأس يشبه الورد

ولا تسأل غير الحب
جابي القلب، ساري رحابة القتل
كأنها تتأمل نهباً لا حدّ له
به تلامس ورع وريقات ترتوي بسمة الغيم
منه تركض نحو عباد شمس يفرُ تجاه البحر
حقلاً تحرثه سواقي القدم
به تستنزل رحمة تهمي لها

يانعة تميل لماء ينأى
مبذورة ببراعم تتأهب
بتثاؤب غصون تنهك ثقل النهار
حيناً تدركها نبوءة الندى
وأخرى تذيبها غلبة الثلج

غالية
متروكة له
كصوتها الراهن
كهمسه الحانق عليه

رتل حنينك
صلِّ غفرانك كله
تداو بترانيم حضورها المقدس
ودع ما تعجز عنه

قربها وهي تقترب
توار قليلاً، سوف تراك
هالكة تراها

حالها
غرور الغريبة بين زينة الصبية
وريبة امرأة التابوت
بينهما كجسر يرتد جسدها
لنهب جناية الوقت
لنهل تجاعيد تلهمها عناية الموت
كيما تبدو أقسى بقليل

نادتك وعربات الماضي
تتقاذف سهام المسافات
لم تسمع لشدة الرصيف
بالغت في صمم العجلات
لتغتالك آخر المحطات
متعثراً بندائها الأخرس
هالك الندم
حيث لم تكن هناك
ولا كنت هنا

بعدما بعثرت ثيابها وارتدتك
أغلقت غرفتها
واعتنت بغيابك

بعد أن ترتدي ثيابك وتغلق غرفتك
اعتن قليلاً بمن بعثرتك

تخالها لوهلة تبدو الأخيرة
تخاطر كقرون ماعز تستهوي سحل الجبل
وما أن ترتكب النظر كمن يثقب الصخر
حتى تراها بمشقة الوعر تنهك المرايا
لتخالك إياها

لي
تفرعتُ بضآلة ناصعة
وامتهنت هالة البراعم
شائك خلته الورد
وحدي، كدت العطر لأضاهي وحدته
ووحده، راح لشوك لم أسلم منه

عندما نال الليل
ما يعجز عنه جائر الحرف
أسلمت ردائي لعنوة الصباح
لطلقة تستبد بفيء الليل
كأني لم أحي لغير ضوء الرصاص

من مثلكما
وريثان
يتناوبان احتضار الورد
أيكما في الكأس والماء ينتحر
يسأل يأس الياسمين:
من
طيلة القلب
كاد يشعلُ الليل