من غيرك يثق بغدر الغيم
من غيرك ينحسر، هكذا، بلا مبرر
من غيرك يفقد نعليه خارج الباب
من غيرك يفسرّ برد الورق بأتونك
من غيرك يزجّ الكون نحوك
من غيرك ليس له
من مثلك يا جسد
هكذا، تنعطف عنهم بصرامة شارع، لئلا تصل
لينكب حذاؤك القاسي على درس يجهلك
وما أن تتفنن بحجارته اللئيمة
حتى تحترف انحدارك
كمن يذود بمعطفه عن ثلج تأخر
تتحدر
هكذا، تنهي نهار انتحارك
ليلاً ينهض عنك النوم
يبتعد أقرب ماءٍ للقدح
كأنك الصحراء
تستنزف أحابيل السراب
محاصراً بحقل نياق وممرات خيام
تطارح هلكة العطش
والماء كله، يغرق في دورق يؤنّب الطاولة
ليلاً، لك كل ذلك.. ليلاً
مرتدياً عنف ذاتك
تفتش عن نومٍ يخلو منك
وحدك
أو وحدك بصحبة عائلة تدّعيك
حولك تنضح هندسة الجير مكاناً
مشمولاً بسياج عنيد يردد نباح الليل
بيت كغيره من ملاهي الريح
يبدأ برخام عتبات تعتب عليك
هذا النهار بالذات
تعثرت
غافلاً بغموض ضباب يلهث
منفعلاً وضجيج المعدن لا يخفي مداه
فجأة اندفعت للوراء، لم ترها
تقافزت كضفدع مسّه الموت
أدرت طعنة المفتاح بخجل الباب
ودسست باطن وجعك في راحة البلاط
حينها تشجرت أعضاؤك في فسيح جنتك
حينها تنفست ملء عظامك
وأدرت نهر البكاء
فما كنتَ هناك
أنت ما ينتابك
ما يفجع راحة وجنتيك
كلما غادرت كجنين هالك
لحديد حياة لا يروق لك
على عُلوٍ عنها
تختلس تفاصيلها المسننة
منحنياً على متراس الشرفة
تزاحم نداوة أجنحة تواسي شفتيك
عالم يترع لك مخالب لا تحصى
تجترح هداياه
متحسراً عليه
تدير نحوك عينيك
كالبنفسج تسرد عطر يومك
منزوعاً كطينةٍ لا تعرف
تتوارى بما تجهل
مأخوذاً بشاغل الغجر
وهم يعصمون صدوغاً تتفلت
وهم ينتفضون رقصاً على لسع الجمر
وهم يتناهبون المعدن لنقش الحجر
ملتهياً بقرابين تجزّها روحك المبتلاة
تضلل أجراساً لا تؤجل القداس
بحثاً عنك
كحجرٍ ذاق نحت الرياح بأقصى القمم
لا تقبل حدود السفح موطئاً لجثتك
لا ترض القبر شريكاً
لك
لجسدٍ اصطفاه الليل
مجاوراً عداء الدروع
معلماً الجب قرابة الحب
موهناً ورقاً يحترق بعمر يندكُّ
موكلاً لفضاء الرأس فصد ما مضاك
لم تفصح لأحد
لم تترو
لم تمت قبل الموت
لم تخن خطايا يديك
صرت لطواف اللهيب
تستثير حصوات الرجم
مبدداً ما يتمجّد بك
راع هناك
عاص على رعية هنا
هكذا دمت
عندما البكاء
يسرق الماء بعيداً عنك
لتبدو بحيرة يؤلمها نَحْتُ الملح
تلجأ لك
ورقة
ورقة
تسقط عنك
تئنُ حروفاً لا يرحمها
من لا يجيد حس النبات
من لا يتحلى بصفات النار
لا تلم أحداً
أغلق ياقة القلب
وغادر باقة الصدر
لتحتمل هواء يَحارُ بكَ
وأرضاً تُحاربكْ
لا تدعك
تبتعد عنك
هم هناك في عسل النعاس
وهنا أنت مُصدعاً بالكوابيس
هم هناك في غابة العدل
وهنا أنت ملاماً على الموت
يتحاشونك حرفة الخط
يخافونك حافة تصعق الخطو
ولا يبتعدون، فلا تدعك
كن عنيداً بك
و
أصابعك تبارز راية البياض
بكحلٍ داغر في عماء الموهبة
تتذكر
إن للبحر طريقاً كالرمح
ربما
لتنسى ما أعددت لهم
من دم يفيض
جنازة تصل رهيب الرحم بقاس القبر
لكنك
وكلماتي تنزع قفاز الصبر
لن تغفر لي
وأنت تعتذر علانية عن رثاء لا يحتمل جريمة هذا النص