1-
أن أجمل تجربة يمكن أن نملكها هي كشف جوهر الأشياء الغامضة، انه الانفعال الأساسي الذي يقف عند مهد الفن والعلم الحقيقيين. ان من لم يدركه قط ولم يعد قادرا على الاندهاش، كأنه قد مات وعتمت عيناه.
ألبرت أينشتاين
2-
لنيل تجربة تبعث هذا الاندهاش العميق الذي يتحدث عنه العالم “ألبرت أينشتاين “لابد ان يخضع المرء روحه لتأملات عديدة تؤدي الى الذهول أمام تداعيات الوعي، حيث يعتبر التأمل أحد أشكال هذا السبر والبحث عن الارتقاء الروحي، للتأمل طرق اختبرتها البشرية بأشكالها المتعددة عبر العديد من الرياضات التعبيرية والفنية والروحية التي تؤصل فكرة موحدة تعتد بطاقة الصمت، نهل التفكر الفلسفي، تعميم الهدوء والسلام الداخلي الذي يجلو شوائب القلب، كل هذا من أجل ترك الوعي يقودنا لسبر الحالة الراقية التي نصل اليها، يتضح الوعي ويتقد ليتبلر بنقاء الماس، الشفيف الخالي من شوائب الايجو وأنانية النفس وأحقادها وجشعها وضيق فردانيتها، هذا هو الوعي الحقيقي والعميق وليس التضليل القائم على تكرارات الذاكرة الثقافية، وتمثلاتها المضخمة لحضور الأنا.
امام اللوحة، الورقة، آلة العزف، حتى أمام الهواء نشعر بنشوة الصمت، سكون العقل، نور الرؤيا، ونحن نصغي لدقات القلب، ارتخاء عميق يعمل على تنشيط مكامن الابداع في خفايا الوعي، فنبدأ الرسم أو الكتابة أو العزف أو التأمل الروحي الذي ننشده لنصل الى شحذ طاقتنا الداخلية وتفجير كل تلك الطاقات المعطلة.
3-
يلازم التأمل حياتنا ونحن نبحث عن معناها، ونحاول تجريب مهارات تعاوننا على تقصي ما نراه من صعوبات وآمال تتضاد أمام أعيننا، من خلال علم الطاقة ” الريكي” تعلمت تأمل المحبة والتعاطف، التأمل الإدراكي، وتأملات شفائية أخرى، كان لها الدور الأعظم في إعادة صياغة حياتي نحو النور، كمعنى واحساس ورؤيا، كطريق نحو مصالحة الذات، تعلم المحبة وتقصي طرائق الحكمة، الغفران والتسامح، التعرف على نهج الصمت في خلوة لا تخلو من نعمة الرحمة،الصمت ” جوهر سر الواقف وقلمه الذي يدون به وقوفه” كما وصفه “النفري”: و قال لي من علوم الرؤيا أن تشهد صمت الكل، ومن علوم الحجاب أن تشهد نطق الكل.”
كما حدثنا المعلم كريشنا مورتي: التأمل واحد من أعظم الفنون في الحياة – ولعله أعظمها طرا – وليس في إمكان أحدهم أن يتعلمه من أيِّ أحد – وذلك هو جماله. ليست له أية طريقة ولا أية مرجعية بالتالي. عندما تتعلم أمورًا عن نفسك، تراقب نفسك، تراقب كيف تمشي، كيف تأكل، ماذا تقول، الثرثرة، الكراهية، الغيرة – إذا وعيت ذلك كلَّه في نفسك، من دون أيِّ اختيار – فذلك جزء من التأمل. التأمل واحد من أكثر الأشياء خَرْقًا للعادة، وإذا لم تكن تعرف ما هو فأنت أشبه بالأعمى في عالم من الألوان الساطعة والظلال والضوء المتحرك. إنه ليس قضية فكرية، ولكنْ حين يلج القلبُ في الذهن، يتصف الذهنُ بخاصية مختلفة تمامًا؛ إنه يكون، حينئذٍ، غير محدود حقًّا، ليس في قدرته على التفكير وعلى العمل بفعالية وحسب، بل كذلك في شعوره بالحياة وسط فضاء شاسع تكون فيه جزءًا من كلِّ شيء.